أخبار محلية وتقارير

النزوح و حق التعليم …( المهرة نموذجاً)

الغيضة (الوسطى أونلاين) تقرير :عبدالله باصهي.

مدخل:-

يعتبر التعليم من المُسلَّمات في القوانين والاتّفاقيّات العالميّة، إلى جانب ضرورة أن يحصل الإنسان على التعليم بشكل كامل وحين يتم التحدث عن حق الطفل في التعليم، يتمُّ التأكيد على أنَّه حقٌ أساسيٌّ من حقوقه؛ إذ يبدأ في التعلّم منذ لحظة ولادته، وذلك عن طريق إحاطته برعاية خاصّة، وصولاً إلى مراحل التعليم المختلفة فا “التعليم” هو أحد حقوق الطفل الأساسية والتي نصَّت عليها اتفاقية حقوق الطفل التي وضعتها لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فحق التعليم هو ضمان أن يحصل جميع الأطفال على تعليم مجاني، وأن يكون إلزاميًا في المراحل الابتدائية، فاتخاذ تدابير لتشجيع الحضور المنتظم في المدارس والتقليل من معدلات ترك الدراسة، ومن الضروري ضمان إدارة النظام في المدارس على نحو يتماشى مع متطلبات الطفل الإنسانية ويتوافق مع هذه الاتفاقية.

اليمن و ما يشهده من وضع مضطرب واستمرار للحرب في شمال البلاد التي أثَّرت على كل مسارات الحياه و أهمها “التعليم” الذي شهد بدوره انهياراً غير مسبوق؛ ليمنع قرابة أكثر من مليون طفل يمني من حقه في التعليم جراء الحرب، أو النزوح، أو استهداف المنشآت التعليمية عسكرياً، أو تحويلها لثكنات، وانهيار اقتصادي.. و غيره الكثير التي أرغمت الكثير من الأسر على ترك مناطقهم و أجبرتهم على النزوح من أجل العيش بأمان باحثون على مستقبل أفضل لهم و لأبنائهم.

اليمن المصغر:-

أطلق مصطلح اليمن المصغر على بوابة اليمن الشرقيه في الآونة الأخيرة، لقب استحقته بجدارة؛ بشهادة كل من و طأت قدمه ترابها وما لمسه من تنمية مستدامة، و رخاء أمن، واستقرار، و نسيج مجتمعي سنداً لكل مضلوم و مكلوم غُلب على أمره، إنها محافظة المهرة، التي أصبحت وجهة و قبلة للأسر النازحة التي ارتأت إكمال حياتها بعد معاناة مع استمرار الحرب، في عدد من محافظات اليمن و الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية.
ليبدأو حياتهم من جديد، لهم و لذويهم، ليكن هدفهم البقاء على قيد الحياة، و ينالوا ولو الشي اليسير من حقوقهم كمواطنين تماشياً مع عادات المجتمع، واضعين همهم الأول: إيجاد مصدر رزق يقتاتون عليه، ومنه ما يسير أمور حياتهم اليوميه، والايفاء بما يستطيعون من واجباتهم تجاه أسرهم من أجل مستقبل أفضل لهم، و منه حق الحصول على التعليم لأبنائهم.


التعليم في المهرة:

رغم ما تعيشه اليمن في الآونة الأخيرة من من سوء أحوال في مجالات الحياة على كافة الأصعدة المختلفة، مما أثرت على سير العملية التربوية والتعليمية، سواء في المنشآت أو الوسائل التعليمية أو حتى المناهج و المستلزمات، و القوى بشرية، من كوادر، و أعضاء هيئات تعليمية؛ بل وصل الحال في بعض المناطق إلى توقف سير الدراسة لعده أسباب لعل أبرزها:
استمرار الحرب للمناطق التي تحت النار، وتارة لأسباب اقتصادية عبر الاضرابات الداعية إلى تسويات و غيرها.
المهرة بلاد السلم و الأمان البعيدة عن كل صراع سلطوي أو ميداني. أصبحت هي التي تحمل العبئ الأكبر من تبعات مجريات الأحداث في البلاد، وطاقه جهد تضاف إلى تحديات و مهام سلطتها المحلية، فهي التي تعاني من آثار الصراع الحاصل في وسط وشمال مناطق البلاد، حيث فاقت الطاقة الاستيعابية الطلابية التوقعات، و أثرت سلباً على الإمكانيات، رغم العراقيل و الصعوبات التي تواجهها قيادة السلطة المحلية بالمحافظة؛ أولت التربية و التعليم بالمحافظة والتعليم العام الأكاديمي اهتماماً غير مسبوق، فهي تؤمن بحق التعليم لكل طفل و شاب من الوطن أجمع، و أنَّ مستقبل البلاد المنشود هو عبر خلق جيل متعلم.

التربية و الإعمار السعودي:-
تعددت أدوار التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الذي لم يقتصر على الشأن العسكري أو السياسي في البلاد؛ بل أصبح تنمويَّاً وإنسانيَّاً وتأهيلياً لمساعدة الحكومة والسلطات المحلية بالمحافظات المحررة، على مواجهة العراقيل و الصعاب ومواجهة التحديات، واستدامة تطبيع الحياة فيها، فكان نصيب المهرة مثل غيرها بالتدخل الانمائي والتنموي بمجالات مختلفه، وللتربية و التعليم نصيب منها، عبر مشاريع تربوية وتعليمية تأهيلية، تساهم في استمرار عملية التعليم.

حيث تولَّى صندوق تنمية وإعمار اليمن، تأهيل وتحسين عدد من مدارس المدريات بالمحافظة، كإعادة الترميم و تحسين بيئة التعليم، و تأثيث بعضها باللازم، الذي يؤدي الغرض التعليمي، ولكن مع تحديات أخرى تضع التربية و التعليم بالمحافظة، أمام رهان وتحدٍّ آخر هو النظر بعين الاعتبار إلى ضرورة رفع الطاقة للقوة البشرية من كوادر إدارية و أعضاء هيئات تدريس بمجالات ومواد علمية و أدبية، هي الأخرى أيضاً بحاجة إلى متابعة و تأهيل مستدام، لضمان وصول المعلومة إلى الطلاب.

التعليم للجميع :-
منذ تصاعد وتيرة المعارك و توسعها في عدد من مناطق البلاد وتراجع العملية التربوية و التعليمية فيها جعلت الكثير من الأسر تعزف عن التعليم لعدة أسباب: و منها البحث عن مستقبل آمن لأبنائها واستكمال مسيرتهم التعليمية فيها، في المهرة و جدو ضالتهم المنشودة عبر إدارة التربية و التعليم بالمحافظة، التي فتحت أبوابها الإدارية ومنشآتها التعليمية أمام الطلاب النازحين.

إيماناً من قيادة التربية بالمحافظة بحق التعليم المكفول لكل أبناء الوطن شرعاً و قانوناً، ورغم كل ماتعانيه من صعوبات إلا أنها لم تفرق بين هذا و ذاك بل يشهد مكتب المحافظة يومياً إقبالاً من الأسر النازحة لتسجيل أبنائهم و حقهم في التعليم دون صعوبات تذكر، حيث يستقبل المختصون يومياً من 10 إلى 15 طالب وطالبة، في مديريات ومناطق المحافظة المختلفة، و يعاملون كغيرهم من الطلاب، مع مراعاة نفسياتهم، كون التأثير النفسي الذي عانوه جراء الحرب والنزوح.

طلاب نازحون والتعليم المكفول:-
رغم ضروف غالبيتهم المعيشية بمحافظة المهرة؛ و التي من شأنها أن تجعل من الأطفال والطلاب أياد عاملة في ورش و معامل الحرف المهنية لكسب لقمة العيش و مواجهة قسوة و ضروف الحياة، اتخذ البعض -والغالبية منهم- من بقيه يومه ليكسب عيشه و يسند أسرته وكذا توفير بعض من احتياجه الخاص ومتطلبات تعليمه، وهناك آباء أصرُّوا على تعليم أبنائهم و إلحاقهم بالصفوف الدراسية لمحو أميتهم و أهميه تعليمهم ليساندوهم في مواجهة ضروف الحياة مستقبلاً.

دون أي تمييز أو تخصيص ارتادو المدارس ليواصلوا مسيرتهم التعليمية ليكملوا بناء مستقبلهم مع كل الطلاب، أثبتت الأيام تميز بعضهم وتفوقه ليس بالتحصيل العلمي فقط؛ بل اندماجه مع الجميع ليبدأ مرحلة حياتيه جديدة خالية من منغصات الحرب وتلاشي آثارها النفسية عليهم.

آباء للتربية شاكرون:-
ردود أفعال تباينت فيها المواقف و أذرفت الدموع، كيف لا وهو يحضي بمقعد دراسي لابنه ليواصل مسيرته، إنهم أولياء أمور بذلوا الغالي و النفيس فلم يتبقى لهم إلا فلذات اكبادهم ومستقبلهم المجهول بعد النزوح.

طرقو أبواب ووجدو من يستقبل و يلبي مطالبهم بحق أبنائهم فوجدوه مكفولاً لهم، طالبو بتعليمهم فاستقبلتهم تربية المحافظة بصدر رحب دون عناء يذكر، سواء إجراءات قبول وتسجيل روتيني، ويقفون وهم ينظرو لأبنائهم يواصلوا مسيرتهم التعليمية، ليمسحو بذلك رهبة الخوف و البطش والمعاناة التي كانو فيها، متناسين وضعا أجبروا على القبول به وكره تركهم لأرضهم.

مشاهد أحياناً قد لا توفيها كلمات شكر بحق كوادر سفينة تربية المهرة وهي تمنح الجميع دون استثناء حقه في التعليم لكل أبناء الوطن بكبيرهم وصغيرهم على حد سواء..


استمرار العملية التعليمية و تحدي الصعاب:-
كغيرها من المحافظات تشهد و تعاني إدارة التربية و التعليم بمحافظة المهرة، عدداً من العراقيل والصعوبات وإشكاليات تواجهها مثل بقية فروع الوزارة، ولكنَّ تحمل العبئ الأكبر و تحمل الهم الأعلى ليسو طلاب المحافظة فحسب؛ بل هناك إقبال من الطلاب النازحين أيضاً، كغيرهم يعانون ما يعانيه الجميع، نقصٌ في الكتاب المدرسي، طلب رفع القوة التدريسية وتوسع في المنشآت والفصول الدراسية.
إلى عدة جوانب منها مالية و تعاقدية وكوادر إدارية و غيرها، لكن فوق كل ذلك هنا الجميع تقاسم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه من الإدارة العامة و حتى حارس المدرسة، لم تتأثر المسيرة التربوية والتعليمية بأي عوامل خارجية و لم تؤثر سلباً في ذلك؛ بل التحمل والإيمان الكامل بأنَّ كل حق مكفول ورد الوفاء بالوفاء سيأتي عما قريب، إذ لابدَّ من الصبر من أجل سمو الهدف وكبر الغاية و رقي الرسالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى