صحيفة دولية تكشف عن مساع حوثية لجر السعودية إلى مواجهة تشرّع لاستهدافها بالمسيّرات والصواريخ
الوسطى اونلاين _ متابعات / العرب
قالت مصادر سياسية يمنية إن التصعيد الحوثي بقصف ميناء الضبة النفطي في محافظة حضرموت وإطلاق معارك ومناوشات في الضالع وشبوة ورفع مستوى التوتر الأمني كلها عناصر تهدف إلى جر السعودية والإمارات إلى اعتماد الطيران للرد على استفزاز الجماعة التي تسعى من وراء ذلك للحصول على مبرر لإعادة هجماتها بالصواريخ والمسيّرات على مواقع سعودية وإماراتية.
وأضافت هذه المصادر أن الحوثيين يريدون العودة إلى استهداف مواقع النفط في الخليج في حركة استعراضية تجلب إليهم الأنظار خاصة في ظل التوتر بين الولايات المتحدة والسعودية على خلفية موقف أوبك+ من خفض الإنتاج ومنع تراجع الأسعار، وهو مناخ يعتقدون أنه ملائم لتنفيذ الهجمات.
وتبنت الميليشيات الحوثية هجوما استهدف ميناء الضبة، في تصعيد وصفه مراقبون بالأخطر وبأنه يعد إعلانا رسميا بفشل جهود إنعاش الهدنة الأممية التي انتهت في الثاني من أكتوبر الجاري دون التوصل إلى اتفاق جديد لتمديدها لستة أشهر بموجب المقترح الذي تقدم به المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ.
وأعلن الناطق باسم الحوثيين يحيى سريع، في بيان، مساء الجمعة عما وصفه تنفيذ “ضربة تحذيرية بسيطة”، “لمنع سفينة نفطية كانت تحاول نهب النفط الخام عبر ميناء الضبة بمحافظة حضرموت بعد مخالفتها للقرار الصادر عن الجهات المختصة بحظر نقل المشتقات النفطية السيادية اليمنية وتصديرها”.
وجاءت العملية الحوثية في أعقاب فشل تمديد الهدنة الأممية، نتيجة تقدم الحوثيين بمطالب وصفت بالتعجيزية، شملت المطالبة بصرف رواتب القوات العسكرية والأمنية التابعة للجماعة من إيرادات النفط والغاز في المناطق المحررة.
وكان الحوثيون قد توعدوا في بيانات سابقة باستهداف المنشآت الاقتصادية للنفط والغاز في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، في حال لم تنفذ مطالبهم، كما لوحوا بتعطيل ممر الملاحة البحري في البحر الأحمر، في محاولة لابتزاز المجتمع الإقليمي والدولي، وفقا لمراقبين.
وفي أول رد من الشرعية على الهجوم الحوثي، أكدت الحكومة اليمنية أن “كل الخيارات مفتوحة للتعامل مع الهجوم الإرهابي الحوثي”، وطالبت كافة الدول باتخاذ إجراءات صارمة وقوية لإدانة هذا العمل الإرهابي، والنظام الإيراني المارق الذي يقف خلفه.
وكشفت الحكومة في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن أن الهجوم الحوثي الذي استهدف ميناء الضبة النفطي باستخدام الطائرات المسيرة، أثناء رسو سفينة لشحن النفط الخام من الميناء، هو الهجوم الثاني من نوعه بعد استهدفت ميناء رضوم البترولي بهجمتين متعاقبتين في ليلتي 18 و19 أكتوبر 2022
ويهدف التصعيد الحوثي إلى إجبار الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي على الرضوخ لمطالب الجماعة الحوثية التي تسعى لتقاسم الإيرادات في المناطق المحررة وتكريس وجودها كقوة أمر واقع قادرة على فرض إملاءاتها، مستفيدة من حالة التراضي والتدليل الدولي.
كما لا تغيب الأهداف الإقليمية عن التصعيد الحوثي الذي يصب في صالح الأجندة السياسية لإيران التي تحاول تخفيف الضغط الداخلي عنها جراء الثورة الشعبية والخارجي نتيجة الضغوط الدولية، عبر فتح مسارات جديدة لخلط الأوراق والتلويح بنشر العنف في المنطقة وإلحاق الضرر بمصالح العالم الاقتصادية والأمنية.
ويرى مراقبون أن الهجوم الحوثي الذي استهدف الموانئ النفطية في المناطق المحررة يحمل مؤشرات مزدوجة على رغبة الجماعة في تحقيق عدد من الأهداف السياسية والاقتصادية المتزامنة، من بينها اختبار ردة فعل الإقليم والعالم واللعب على ورقة فصل مسارات الهدنة بين التحالف العربي والحكومة ، وجر السعودية والإمارات إلى مربع المواجهة في ظل التحولات الدولية المتسارعة، إلى جانب تجميد مصادر الإيرادات الاقتصادية للشرعية اليمنية بعد ساعات من اجتماع عقده رئيس مجلس القيادة الرئاسي ناقش قضية تنظيم الإيرادات.
وقال الباحث السياسي اليمني ومدير مركز “ساوث 24 للدراسات” في عدن يعقوب السفياني في تصريح لـ”العرب” إن الهجوم على ميناء الضبة يعتبر ذروة الابتزاز الحوثي للداخل والإقليم والعالم متسلحا بالصواريخ والمسيّرات الإيرانية وهو تصعيد خطير للغاية ويمثل منعطفا جديدا في الحرب، وفاتحة الهجمات الحوثية المتوقعة التي قد تطال موانئ ومنشآت نفطية أخرى خلال الأيام القادمة.
ولفت السفياني إلى أن الحوثيين يحاولون عبر هذا التصعيد تعزيز مطالبهم القصوى والمتطرفة بصرف مرتبات الموظفين في مناطقهم بما في ذلك ميليشياتهم وعناصرهم من عائدات النفط الخام بمناطق المجلس الرئاسي، وكذلك الحصول على نسبة من هذه العائدات واقتسامها، وهو ما يعني عمليا الإقرار بدولة الجماعة الدينية في الشمال والتعامل معها كأمر واقع.
وأشار السفياني إلى أن “الإنتاج النفطي في مناطق المجلس الرئاسي مهدد بالتوقف بشكل كامل في كل القطاعات خلال الأيام القادمة بعد هذه العملية، وهو ما يريده الحوثيون لدفع المجتمع الدولي للضغط على الرئاسي للقبول بمطالب الجماعة مقابل اتفاق هدنة جديدة سيكون استسلاما أكثر منه سلاما، وسيفتح شهية الجماعة للمزيد من المطالب”.
وعن دلالات التصعيد الحوثي، ومآلاته وصف الباحث العسكري اليمني العقيد وضاح العوبلي الهجوم الحوثي على ميناء الضبة النفطي بأنه يمثل تحدياً صارخاً لدعوات السلام ولجميع الأطراف الإقليمية والدولية ذات الاهتمام بملف اليمن.
وقال العوبلي في تصريح لـ”العرب” إن “ما قام به الحوثيون ليس مجرد اختراق عادي وإنما يتنزل ضمن توجه لإعادة فرض معادلات جديدة محورها تقاسم عائدات النفط والغاز، وهذا ما يريد الحوثي أن يفرضه بالقوة، وهو بهذه العملية يرسل العديد من الرسائل منها ما هو إلى الأطراف الإقليمية المهتمة بملف السلام، ومنها ما هو إلى الأطراف الدولية (الولايات المتحدة وأوروبا) لأن ملف النفط حساس جداً في هذا التوقيت، ولا يحتمل أيّ تحرشات بالنسبة إلى هذه الدول”.
وأضاف العوبلي “في حال قررت الشرعية أن تستثمر ما جرى فلا أجد أن هناك ما هو أهم من تحرير الحديدة وتشديد الخناق على الحوثيين ودفعهم إلى طاولة الحوار عبر تحرير كلي وناجز لهذه المحافظة التي تمثل حجر زاوية في كسر التعنت الحوثي، إلى جانب ما يمثله تحريرها من أهمية في حماية المضائق وتحييد أذى الحوثيين وخطرهم بعيدا عن الممرات البحرية للطاقة في البحر الأحمر وباب المندب”.