العنف خطر يهدد مستقبل أطفالنا ومجتمعنا
استطلاع/ مريم بارحمة
العنف ضد الأطفال هو كافة أشكال الأذى أو الضرر أو الإساءة النفسية أو البدنية أو العقلية، أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال – بما في ذلك الإساءة الجنسية سواء كانت ترتكب من الأبوين أو غيرهما من مقدّمي الرعاية أو الأقران أو المؤسسات أو ..الخ وتتنوع أشكال العنف ضد الأطفال ومنها العنف الجسدي أو العنف العاطفي أو النفسي والعنف الجنسي والعنف المنزلي أو الأسري والعنف المدرسي والتنمر. ويؤثر العنف على النمو الإدراكي لدى الأطفال، ويؤدي إلى ضعف مستوى التحصيل الدراسي والإنجاز العلمي. ويعاني الأطفال المعنفون من القلق، والغضب، والعدائية، والاكتئاب، والخجل، وعدم تقدير الذات، وقد يدفعهم إلى الانحراف. ولأهمية هذه الظاهرة التي تنعكس سلبا على المجتمع. نحاول تسليط الضوء لمعرفة صور وأشكال العنف لدى الأطفال، وأسباب العنف عند الأطفال؟ وهل هناك علاقة بين العنف وبرامج الأطفال بالتلفاز والالعاب الاليكترونية؟ وما مدى دور المدرسة أو معاملة الوالدين أو الأهل في زيادة العنف لدى الأطفال ؟ وكيف يمكن الحد من العنف لدى الأطفال؟ وما أفضل الطرق لامتصاص العنف عند الأطفال؟ من خلال لقائنا بذوي الاختصاص في مجالات علم النفس والتربية والاشراف الاجتماعي.
-الرسائل السلبية
لمعرفة صور وأشكال العنف عند الأطفال تقول الدكتورة وفاء سعد طلحة، اختصاصية نفسية:” العنف لدى الأطفال يأخذ صور متعددة عنف موجه من الطفل ضد نفسه(ضد الذات)، وعنف خارجي، العنف للذات يكون بالرسائل السلبية لنفسه أو محاولة عقاب الأهل عن طريق أذى الذات بمخالفة ما يريده الآباء مثلا الاتجاه للإدمان أو السلوك المنحرف، والعنف الخارجي الذي قد يصدر من الطفل يكون موجه للأخرين مثل الضرب والشتم، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة”.
-عواقب وخيمة
بينما تضيف التربوية والأخصائية الاجتماعية المخضرمة الأستاذة نادرة مصطفي حنبله، نائب مدير ادارة المرأة والطفل بالهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة عدن قائلة : ” أبرز صور العنف لدى الأطفال الاعتداء الجسدي العنيف قد يؤدي الى عواقب وخيم، أو محاولة أخذ ما ليس له بكل عنف، أو تدمير وتكسير الألعاب وأدوات المنزل، وألعاب القتل والحرب، والعنف ضد اقرانه وأسرته”.
-التمييز يولد العنف
وعن أسباب العنف عند الأطفال تقول الأستاذة نادرة :” من تجربتي العملية أجد ان التربية في البيت سبب من الأسباب فالتمييز بين الابناء يولد عقد نفسية كبيرة، كما ان معالجة المشاكل بالصراخ والضرب من قبل الوالدين يؤسس لتمرد واكتساب تصرفات وردود عنيفة، لأن الطفل يتشكل بحسب ما يتم غرسة من اخلاقيات. وتصرفات الأطفال عبارة عن وعاء يقلد كل ما يراه، العنف له مؤشرات خطورته فقد يصنع من الطفل قاتلا أو إرهابيا أو فاسدا”.
-العنف مكتسب
بينما ترجع الدكتورة وفاء سعد أسباب العنف أو السلوك العنيف لدى الأطفال الدكتورة وفاء سعد قائلة :” نحن نعرف ان الطفل ابن بيئته الذي يعيش فيها، اي ان الطفل يكتسب السلوك العنيف من البيئة المحيطة به وتوجد دراسات علمية تطرقت إلى أن هناك تأثير للوراثة في عنف الأطفال، ولكن العديد من الدراسات العلمية اثبتت ان العنف سلوك مكتسب ويتم عبر النمذجة”.
وتوضح قائلة :” الطفل يولد صفحة بيضاء كما نعرف ويبدأ الأهل بكتابة السطور الأولى من جوانب شخصيته فيبدأ في تقليد ابويه في سلوكياتهما فإذا كان الجو الأسري يسوده العنف فنجد أن الطفل يبدأ بأخذ هذه السلوكيات من الأبوين أو العائلة الذي يعيش فيها”، مؤكدة أن أول من يغرس بذرة العنف في الطفل العائلة، بينما إذا ساد جو صحي وطبيعي في العائلة يكون الطفل هادئ وطبيعي، كذلك نجد ان المؤثر الثاني في سلوك الطفل المدرسة والحي الذي يعيش فيه، من خلال احتكاك الطفل بالأخرين وكذلك من خلال الخبرات التي يكتسبها في حياته. كما أن المؤسسات الاجتماعية المنخرط فيها الطفل تؤثر في سلوكه”.
وتردف د. وفاء : “ولا نخفي أهمية الإعلام ودوره البارز في تنمية العنف داخل الطفل من خلال ما يقدمه من برامج غير هادفة. وهناك مؤشرات تدل على أن الطفل يحتاج إلى تدخل لمنع السلوك العنيف في تعامله مع نفسه أو الأخرين مهما كان نوع الأذى، وهذا المؤشر هو إذا الحق الطفل الأذى بنفسه أو بالأخرين”.
-معلم القتل والعنف
وعن العلاقة بين العنف وبرامج الأطفال بالتلفاز والألعاب الالكترونية تقول الأستاذة نادره:” بكل تأكيد هناك علاقة كبيرة جدا، فالطفل أكبر مقلد وما يراه يعلق في ذهنه، وسنجد أطفالا يحاولون الطيران وهذا حدت قبل سنوات كل ما يعرض في التلفاز غير صحي على الاطلاق، والالعاب الالكترونية أكبر معلم للقتل والعنف”.
-خطورة الألعاب الالكترونية
وتؤكد د. وفاء قائلة:” ومع ظهور الألعاب الالكترونية والايقاع المتسارع لتكنولوجيا نجد ان الطفل يعاني من حرمانه بالعيش في مناخ يكسب فيه المهارات التي يحتاجها في سنه المبكر، ويفقد مهارة بناء العلاقات الاجتماعية ومهارات الاستكشاف وغيرها من المهارات ويصبح حبيس للجهاز الذي بيده(تلفزيون-آيباد- جوال)، والذي ينمي لديه طابع العنف وفق ما يقدمه من ألعاب القتال، وكما ذكرنا ان الطفل يأخذ ممن حوله نموذج لتقليد فيأخذ العنف كسلوك يتعامل فيه مع اقرانه”.
-المدرسة سلاح ذو حدين
ولكشف مدى دور المدرسة أو معاملة الوالدين والأهل في زيادة العنف لدى الأطفال ترى د. وفاء سعد: أن هناك دور للمدرسة في صقل شخصية الطفل، وتعزيز بعض السلوكيات، فالطفل فيها يبدأ بتكون علاقات اجتماعية أوسع والتعرف على الاصدقاء ويكتسب سلوكيات قد تكون دخيلة على الأسرة وفيها نوع من العنف. وقد يتعرض في المدرسة للتنمر فيصبح رد فعله عنيف إذا ما تم معالجة الأمر من إدارة المدرسة، فالمدرسة مجتمع ثاني يتم فيه اضافة لشخصية الطفل.
-ضعف دور المدرسة
بينما تتحدث الأستاذة نادرة قائلة :” نعم غياب دور المدرسة الفعلي أسهم بشكل أو أخر، فغياب الأنشطة المدرسية اللاصفية والنشاطات المتعددة التي كانت المدرسة تقيمها، كذلك غياب مدرس النشاط والكتاب المدرسي والمنهج المعلم، وضياع المساحات الشاسعة للمدرسة إما بيعها أو تأجيرها قلص من حجم المساحة للمدرسة، اسباب كثيرة أسهمت في توليد العنف في نفوس الأطفال ناهيك عن عدم الاستقرار الاقتصادي والحروب”.
-الظروف المؤثرة
وبخصوص الأساليب التي يمكن عبرها الحد من العنف لدى الأطفال الأستاذة نادرة :”نحن في بلد تنازعته الحروب، والتقويم النفسي يسهم في علاج العنف، كما يجب مساهمة المجتمع في اعطاء النصح للوالدين بتعديل طريقة التربية لأبنائهن، كذلك العامل الاقتصادي مهما جدا ويوفر الأمان والهدوء في المنزل، وربط العلاقة بين المدرسة والأسرة وتشجيعها على الابتكار، مراقبة البرامج المعروضة بالتلفاز، وتوجيه الطفل بهدوء في حالة ارتكابه لاي مشكلة والرد بهدوء”.
-جو صحي وتوعية
بينما تضيف د. وفاء سعد :” يمكن الحد من العنف عند الأطفال بخلق جو أسري صحي وطبيعي للطفل، والتوعية المستمر للأطفال من خلال تقديم البرامج الهادفة التي ترشد الطفل إلى السلوكيات الصحيح في التعامل مع ما يتعرض له هذا الطفل خلال حياته”.
-الحوار والاقناع
ترى الأستاذة نادره حنبلة أن أفضل الطرق لامتصاص العنف عند الأطفال ابتداع اسلوب الحوار أو النقاش والاقناع كمرحلة أولى، والاجابة عن أي سؤال يوجه للوالدين بكل هدوء، ومشاركته اللعب ووقت مستقطع للضحك والمرح، وضم الطفل بحنان يسهم كثيراً بتهدئته وهذه الطريقة مجربة”.
-جو التفاهم والديمقراطية
وتضيف د. وفاء :” امتصاص العنف عند الأطفال يبدأ من الأسرة والجو الأسري فالأسرة يجب ان يسودها جو التفاهم والجو الديمقراطي البعيد عن العنف بكل انواعه، وألا نستخدم العنف اللفظي والجسدي أو النفسي عند عقاب الطفل هناك بدائل لتصحيح سلوك الطفل. وأن تفتح قنوات اتصال وتواصل بين الأسرة والطفل، وترشيد استخدام الألعاب الإلكترونية والتكنولوجيا، وإبعاد الطفل من عمر 2-5 سنوات عن التكنولوجيا والتلفاز، وتوفير بدائل كالحدائق والنوادي وصالات الألعاب الرياضية الذي تستوعب حركة وغضب الأطفال، وعمل برنامج هادف يومي للطفل من قبل الأسرة”.