أراء وكتاب وتغريدات

في يومهم العالمي.. المعلمين بين الحق والضمير

كتب : اكرم الحريري

إلى معشر المعلمين والمعلمات ..
بمناسبة 5 أكتوبر ((اليوم العالمي للمعلم))
كل عام وانتم بألف خير و بأفضل حال ..

نعلم جيداً أن لنا حقوق سليبة من الحكومة ، كما نعلم جيداً بأن ليس التلاميذ ولا الطلاب هم غرمائنا أبداً 
وددتُ لو أهمسُ في قلوبكم شيئًا مضيئًا ذا أمان يا رفاق مهنة الرُسل والانبياء، يا من اقترب تشبيهكم ومهنتكم مع مهمة الأنبياء: التعليم.

لعلك تفكر بالراتب وقيمته والغلاء الحاصل والتعب الهائل ، ومشغولٌ بالتفكير أيضًا بكيفية تنظيم أمورك وترتيب حياتك وسبل عيشك وأسرتك ،وهذا حقك طبعاً، لعل همومك وعيوبك كفتك فلا تستطيع احتواء أحد، وفي أعماقك ترددٌ من المهمة كلها أو استصغارٌ لها وربطها بالراتب .

أقول لك عزيزي المعلم ؟
أحدهم الآن يعيش في ظلام، وهو على موعد نورانيٍّ معك!
هو ينتظرك!
هو في كرباتٍ بعضها فوق بعض، هو في فشل ذريع، هو في ضياع، هو لا يعرف كيف الطريق ، ولا يعرف إلا المنحدَر، ولا ماذا يريد!

لكنك أنت، نعم أنت يا من توليت مهمة التعليم، تعرف هذا البعيد ماذا يريد، ذاك الطالب الذي ينتظرك، ينتظر منك بصيص نورٍ ربما بكلمة، بابتسامة، بمعلومة، باحتواء وإصغاء، تكون سبب نجاحه للأبد..
تكون سبب تغيير مسار تفكيره وحياته ليوم القيامة، تكون سبب سعادته، تكون البذرة أو المنعطف أو حتى الَّلبِنة التي يحتاجها وسيأتي غيرك ليتم عنك بناءهُ معك، لكنَّ لَبِنتكَ أنت التي وضعتها فيه ليست أي شيء، بل يحتاجها وبدونها سينهدم البناء كله ومن بعدها ينهدم الوطن بأكمله.

لا يمكنك تخيل الموقف، أن تضيء قلب أحدهم، سواء رأيت الثمرة أم رآها الله ولم ترها أنت..
فيصيرَ بسبب كلمة منك أو معلومة أو موقف  من أهل الاختصاص، أو ذي خلق، أو بار بوالدين عجزا به، أو أن يتعلم ولو شيئاً يسيراً من العلوم والمعارف يعينه على معارك الدنيا..

أن يكون معتقداً أنه فاشل فتكسر له أنت ذلك الوهم، وتصنع منه أمّة، وتعلمه كيف يتعلّم بمواهبه هو لا بحصره بقالب النسخ واللصق من الأخرين..
أن يكون مشتعلاً بقدرات شتى، لكنها فيه كالشَرر المتناثر، فتضبطها له أنت وتهمس له أين موقعه المناسب لخدمة الأُمّة، فينطلق.

(ومن أحياها فكأنّما أحيا الناسَ جميعا..)
لم يكن يعلُم معلّم ابن الجزري أنه سيكون طالبه إمام الدنيا، وأن أعمال جبل العلم في صحيفة ذاك المعلّم الوضيء.
فكان له خيراً من ولدِهِ أن كتب الله له النفع العميم.

أهل الصنائع في صنائعهم وأنت تصنع إنسان، عقل وقلب إنسان..
فأيُّ مهمّة مقدّسةٍ تلك.

والآن ركّز في قلبك، كل الدورات والنصائح مهمة، لكن:
إن نويت من أعماقك الاحتواء والحِلم والحب والخير لهم، سيصيرون أفضل مما تتمنى وسيهدؤون بين يديك، وسيُلهِمك الله مفاتيح قلوبهم المختلفة، وطُرُق التعامل، وسيشعرون بحبك لهم ولو لم تنطق بكلمة..
(إن يعلمِ اللهُ في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرا)

وسر الهيبة: الخوف من الله تعالى في السِر.
وسر القبول: الإخلاص له وحده بالعمل، فلا تصرفك كلمة مدح ولا ذم عن تجديد النية الأولى: رضى المولى.
وبقدر صلتكَ بالله تعالى والقرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والعبادة وأعمالك الصالحة والعلم الصحيح، ستترك فيهم أثراً مهما كان مستواهم ليس فقط سيدهشهم بل سيدهشك أنت أيضاً..
وتذكر: (وأيّدهم بروحٍ منه).

وتذكر أننا كلنا لا شيء، لكن ببركة نية إصلاح عباد الله وخدمتهم الله سبحانه إن شاء الله يُصلحنا.

والسلام على حاملي رايات العلم والخير للبشرية قاطبة. 
#أكرم_الحريري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى