الحوثيون يعرضون “هدنة” مع السعودية للتفرغ لمعركة مأرب
المكلا : الوسطى اونلاين / العرب :
علمت “العرب” أن الحوثيين قدموا عرضا لـ”هدنة” مع السعودية تقوم على التعهد بوقف هجماتهم على المملكة مقابل إيقاف التحالف العربي لعملياته الجوية.
وقالت مصادر سياسية يمنية مطلعة لـ”العرب” إن الحوثيين وضعوا في قائمة أولوياتهم التفاوضية تحييد طيران التحالف العربي، في مسعى لإحراز تقدم ميداني سريع في مأرب، قبيل تبلور مقترح دولي لوقف إطلاق النار الشامل، الذي تؤكد المصادر أن كلاّ من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تعتزم تمريره عبر مجلس الأمن الدولي.
ويواصل الحوثيون هجماتهم التي وصفت بالانتحارية على محافظة مأرب الاستراتيجية بهدف تحقيق اختراق عسكري، يسبق أيّ اتفاق لوقف إطلاق النار واستئناف مشاورات الحل النهائي.
وأوقعت معارك عنيفة، السبت، على ست جبهات بين القوات الحكومية والمتمردين 90 قتيلا من الطرفين في 24 ساعة.
وأشارت المصادر إلى أن الجماعة الحوثية تواصل الزج بقواتها في مختلف الجبهات في مأرب، وتعمل على تعويض خسائرها البشرية والمادية الهائلة من خلال حشد المزيد من المقاتلين القبليين أو إرغام الضباط والعناصر العسكرية التي فضلت اعتزال الحرب على الانخراط في المعركة تحت الضغط.
وفي المقابل، تشير المعطيات إلى نجاح القوات التابعة للحكومة الشرعية ورجال القبائل في إعادة تنظيم صفوفها بعد تمكنها من امتصاص الهجمات الحوثية الأولى التي كانت الأعنف على مأرب. كما استطاع طيران التحالف العربي إضعاف زخم الهجوم الحوثي وتكبيد الميليشيات خسائر هائلة في المقاتلين والمعدات، الأمر الذي يفسر تصعيد الحوثيين لهجماتهم على الأراضي السعودية باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، في مسعى لدفعها إلى وقف هجماتها على قواتهم في محيط مأرب.
وكانت وسائل إعلام يمنية ممولة من قطر بثت أخبارا وصفتها مصادر عسكرية يمنية بالمضللة تضمنت أخبارا عن تعرض الجيش الوطني في جبهات مأرب لضربات جوية خاطئة من قبل طيران التحالف.
واعتبر مصدر حكومي يمني في تصريح لـ”العرب” أن مثل هذه المعلومات تأتي في سياق محاولات تحييد العمليات العسكرية للتحالف وخدمة الميليشيات الحوثية، وهي استراتيجية اتبعتها وسائل الإعلام اليمنية الممولة من الدوحة خلال السنوات الماضية، بهدف إرباك التحالف.
وتشهد محافظة مأرب معارك عنيفة منذ أشهر، حيث تسعى الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران للسيطرة على المحافظة الاستراتيجية الغنية بالنفط والغاز، والتي تتمتع بموقع هام في وسط اليمن على الطريق الدولي بين اليمن والسعودية.
واعتبر مراقبون يمنيون أن مأرب بالنظر إلى أهميتها السياسية والاقتصادية والثقافية باتت تمثل النقطة المحورية في مواجهة الميليشيا الحوثية في اليمن والمشروع الإيراني المساند لها.
ووفقا للصحافي والباحث السياسي اليمني عبدالوهاب بحيبح فقد شهدت جبهات مأرب خلال الأسابيع الماضية معارك كانت الأشرس والأعنف على كافة الجبهات كان أهمها محاولة الميليشيا الحوثية التغلغل من جهات البلق الغربي وزجت بما يقارب 11 نسقا ممّا يسمى كتائب الموت الخاصة التي تشرف على تدريبها وتمويلها إيران.
وأشار بحيبح، وهو أحد أبناء مأرب، في تصريح لـ”العرب”، إلى أن الهجمات الحوثية تم إفشالها، وقد وقع العشرات من عناصرها بين قتلى وجرحى وأسرى.
وكسرت قوات الجيش الوطني والمقاومة خلال الساعات الماضية هجمات متعددة شنتها ميليشيا الحوثي الانقلابية، على بعض مواقع الجيش الوطني في جبهتي الكسارة وصرواح غرب مأرب.
وأضاف بحيبح “شهدت جبهات مراد جنوب محافظة مأرب، كذلك، معارك عنيفة بعد أن زجت الميليشيا بقواتها للتقدم في تلك الجبهات ولكنها عادت تجر ذيول الهزيمة مخلفة وراءها عددا من الجثث المتناثرة في الجبال. كما نفذت طائرات التحالف العربي عددا من الضربات الدقيقة استهدفت التعزيزات والعربات الحوثية وأوقعت فيها خسائر كبيرة وكان لها دور محوري جدا في التصدي للزحف البشري الذي تقوم به الميليشيا الحوثية”.
ولفت بحيبح إلى أن الميليشيا الحوثية تستخدم النهج الإيراني في الهجوم وذلك من خلال “الدفع بالموجات البشرية على النقاط الدفاعية معتمدة على الكثرة العددية بغض النظر عن الخسائر الكبيرة التي تتلقّاها في صفوفها، حيث تقوم بالهجوم عن طريق دفع موجات بشرية متتالية بهدف إرهاق قوات المدافعين، وهذا هو تكتيكها الحالي المتّبع في محافظة مأرب”.
ولا يخفي العديد من القادة الحوثيين رهاناتهم على معركة مأرب باعتبارها المواجهة الحاسمة التي ستغير معادلة القوة في الحرب اليمنية بشكل حاسم.
ويؤكد الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في تصريح لـ”العرب” أن المعركة المستمرة في مأرب هي معركة صنعاء المؤجلة كونها تحدد وجه اليمن مستقبلا أو على الأقل شمال اليمن، مشيرا إلى أن ما يحدث اليوم هو استماتة غير طبيعية للحوثيين في هذه الجبهات يقابلها أيضا استماتة في الدفاع عنها من قبل الجيش الوطني.
ولفت الجبري إلى أن الحوثيين بالسيطرة على مأرب يحاولون استكمال أركان دولتهم. كما تمثل مأرب بالنسبة إلى الحكومة العاصمة العسكرية التي يتواجد فيها وزير الدفاع وقيادة الجيش، والدفاع عن مأرب هو دفاع عن مستقبل الحكومة وإذا سقطت مأرب ستصبح الشرعية الطرف الأضعف بين أطراف الصراع.
وأضاف “لأجل ذلك تبذل الحكومة حاليا كل ما بيدها للدفاع عن مأرب بما فيها تفعيل جبهات تعز لتخفيف الضغط عن المدينة وتعزيز صمودها بألوية عسكرية من خارج المحافظة بالتنسيق مع التحالف العربي الذي يساند بفاعلية العمليات العسكرية من خلال القصف الجوي لمواقع الحوثيين وتعزيزاتهم العسكرية”.
واستبعد الجبري أن يتخلى التحالف العربي عن مأرب لأن ما قبل سقوط المدينة ليس كما بعده في تغير موازين القوى التي يتعامل معها التحالف”.
ويعتقد مراقبون سياسيون للشأن اليمني، أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، يترقبان نتائج معركة مأرب، قبيل الانتقال إلى المرحلة الثانية من حالة الضغط الدبلوماسي المرتبط بمساعي تمرير خطة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، بوصفها آلية وقف إطلاق النار الشامل وخارطة الطريق الدولية لتسوية الملف اليمني.