أخبار محلية وتقارير

تحليل: ما الاهمية الاستراتيجية لمضيق باب المندب؟

كانت وستظل الممرات المائية الاستراتيجية محورا اساسيا للصراع ومن اهمها مضيق باب المندب.


لذلك من الأهمية بمكان التذكير بالأهمية الإستراتيجية الحيوية لهذا الممر المائي ماضيا وحاضرا ومستقبلا.


مضيق باب المندب هو أحد أهم المضايق المائية يصل البحرالأحمر بخليج عدن والبحر العربي، ويشترك في حدوده البحرية مع اليمن (الجنوب) – المسيطر تاريخيا على ضفته الشرقية وعلى جزيرة ميون التي تتوسط المضيق-، كل من أريتريا وجيبوتي -على الضفة الغربية للمضيق-. ويبلغ عرض المضيق نحو 30 كيلومترا بدءا من رأس منهالي شرقا وصولا إلى رأس سيان غربا.


وتكمن أهمية مضيق باب المندب في أنه أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها احتضانا للسفن، وتمر منه كل عام حوالي 25 ألف سفينة تمثل 7% من الملاحة العالمية ، وتزيد أهميته بسبب ارتباطه بقناة السويس وقربه من ممر مضيق هرمز .


وتذهب التقديرات إلى أن ما بين 5 إلى 6 % من إنتاج النفط العالمي، أي نحو 4 ملايين طن، تمر يوميا عبر المضيق باتجاه قناة السويس ومنها إلى بقية أنحاء العالم .. مما يجعله يحتل المرتبة الثالثة عالميا من حيث كمية النفط التي تعبره يوميا، مما زاد أهميته الاستراتيجية، وزاد من قيمته الاقتصادية، حيث يتيح للجنوب التوسع في علاقاته السياسية، والاقتصادية, والعسكرية، ويمنحه حدوداً طبيعية مثالية لما يشكله البحر من عازل طبيعي ، باعتبار أن حماية الحدود البحرية أقل كلفة إذا قورنت بمتطلبات الحماية للحدود البرية الواسعة، والتي تحتاج إلى قوة كبيرة للدفاع، كما يعطيه الأمان لتجارته الدولية إذا ما تعرضت جبهاته الأخرى لأي تهديد.


ازدادت أهمية هذا المضيق أكثر بعد انشاء قناة السويس عام 1869 وربط البحرالأحمر وما يليه بالبحر المتوسط. ومنذ ذلك الحين تحول باب المندب إلى أحد أهم ممرات النقل والمعابر بين بلدان أوربية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرقي أفريقيا، لا سيما مع ازدياد توريدات النفط الخليجي إلى الأسواق العالمية.


ويسمح عرض وعمق القناة الغربية للمضيق لشتى أنواع السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين.


ولليمن وخاصة الجنوب أفضلية إستراتيجية في السيطرة على المضيق لامتلاكه جزيرة ميون – التي كانت دائما تتبع للجنوب رغم سعي نظام 7/7 الى ربطه اداريا بمحافظة تعز -.
أما القوى الكبرى وحليفاتها فقد عملت على إقامة قواعد عسكرية قربه وحوله وذلك لأهميته العالمية في التجارة والنقل، إذ تملك الولايات المتحدة قاعدة في جيبوتي على الضفة الغربية لمضيق باب المندب، وتملك فرنسا أيضاً حضوراً عسكريا قديما في جيبوتي. كما سعت الأمم المتحدة في عام 1982 لتنظيم موضوع الممرات المائية الدولية ودخلت اتفاقيتها المعروفة باتفاقية جامايكا حيز التنفيذ في شهر نوفمبر من عام 1994.


كما يمتلك الجنوب العربي العديد من الجزر ذات الموقع الهام، والتي تضاعف من الأهمية الإستراتيجية للموقع البحري، لما تمنحه من ميزه الانتشار، والتوزيع للمراكز التجارية، والقواعد البحرية والجوية، فجزيرة سقطرة مثلا تشكل عقبة للقفز إلى البر الأسيوي (شبه الجزيرة العربية) وإلى البر الإفريقي, بالإضافة إلى وقوع الجنوب على طريق هام لنقل النفط العالمي عن طريق باب المندب وقناة السويس.


وتمتد الجبهة البحرية للجنوب على مسافة قدرها (1800 كم ) وبمقارنة هذا المعدل بالمعدل العام للوطن العربي، نجد بان سواحل الجنوب طويلة نسبيا، ما يجعل مختلق المنطقة السياسية قريبة من السواحل.
دور مصري محوري:
ترتبط أهمية باب المندب بأهمية بقاء قناة السويس أولا ومضيق هرمز ثانيا مفتوحين للملاحة، أمام ناقلات النفط خاصة، وأي تهديد لهذين الممرين أو قناة السويس وحدها يحول السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح.


وقد ازدادت أهمية مضيق باب المندب بوصفه واحداً من أهم الممرات البحرية في العالم، مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي، إذ يقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر فيه في الاتجاهين، بأكثر من 21-25 ألف قطعة بحرية سنويا (57 قطعة يوميا).


وقد أغلقت القوات البحرية المصرية، بالتنسيق مع اليمن الجنوبي ، مضيق باب المندب خلال حرب أكتوبر 1973 لحصار إسرائيل بحريا.


مع الأزمة اليمنية والحرب الأخيرة تزايدت المخاوف مع تصاعد حدة التوترات من محاولات المتمردين الحوثيين تعطيل حركة الملاحة الدولية في مضيق باب المندب الاستراتيجي، بعدما سيطروا على جزء كبير من الموانئ والقواعد الواقعة على البحر الأحمر وخليج عدن. إلا أن عمليات الحصار البحري من خلال القوات البحرية المصرية والسعودية وتحرير القوات الجنوبية للساحل الغربي أعاقت أي تقدم للعناصر الحوثية ناحية باب المندب.


سجل حوثي حافل بالإرهاب البحري:
كشف المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، العميد الركن تركي المالكي أن ميليشيات الحوثي أطلقت أكثر من 100 زورق مفخخ لاستهداف الملاحة الدولية، فيما تعاملت القوات اليمنية المشتركة والتحالف مع 248 لغمًا بحريًّا لتأمين الملاحة في جنوب البحر الأحمر.


وجاءت أسماء 10 حوثيين متورطين في أعمال استهداف وقرصنة لحركة الملاحة الدولية والسفن التجارية، وآخرها السفينة “روابي” التي تحمل علم دولة الإمارات، وعلى رأسهم الإرهابي المدرج على قائمة العقوبات الأميركي، منصورالسعدي.


وبحسب بيان وزارة الخزانة الأميركية في 3 مارس 2021، فإن إدراج القرصان والإرهابي الحوثي منصور السعدي بالقائمة السوداء جاء لتخطيطه لـ”هجمات دموية ضد وسائل النقل البحري الدولي في البحر الأحمر”، مستهدفًا سفنًا عسكرية ومدنية”.


وتملك ميليشيات الحوثي سجلًّا حافلًا بالإرهاب في البحر الأحمر، إذ نفذت العشرات من العمليات الإرهابية ضد سفن نفطية وتجارية، ونشرت المئات من الألغام البحرية، كما حاولت مرات عدة تنفيذ هجمات إرهابية بزوارق مفخخة.


الخلاصة :
1- الممرات المائية وخاصة الملاحية هي رئة العالم وشرايين حياة البشر, لذلك فإن حماية هذه الممرات والسواحل ودرء المخاطر عنها هي حماية للأمن البحري القومي والإقليمي والدولي.


2- أمن الممرات الملاحية يواجه تهديدات متصاعدة الحدة تتزايد أسبابها وتتعدد العناصر المشكلة لها.


3- ثبت بما لا يدع مجالا للشك تورط الحرس الثوري الإيراني في الإخلال بالأمن البحري في مضيق هرمز، وإيعاز السلطات الإيرانية لجماعة الحوثي الإرهابية، لتهديد الملاحة في مضيق باب المندب والقرصنة البحرية والتهريب والتخريب.


4- منطقة الشرق الأوسط لها خصوصية تتعلق بأهميتها في إطار السياسات الدولية، ولطبيعة الصراعات والتوترات التي تجتاحها سواء بين دولها أو داخل الكثير منها.


5- تحظى الممرات الملاحية بأهمية استراتيجية نظرا لأهمية تأمينها، بحسبانها تمثل نقاط اختناق يسهل السيطرة الاستراتيجية عليها من قبل كيانات وجماعات معادية.


6- جاءت دعوة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في سياق حديثه لقناتي العربية والحدث يناير ٢٠٢٢م في وقتها وزمانها وينبغي أخذها على محمل الجد بشأن الأمن البحري العربي وحاجة القوات الجنوبية الملحة الى الدعم اللازم لإنشاء قوات حفر سواحل مدربة ومجهزة على أعلى مستوى لمواجهة التحديات الإرهابية والتهريب والتخريب المعادي على السواحل اليمنية الشاسعة.


7- تبرز اليوم وأكثر من أي وقت مضى مسيس الحاجة الى رفع درجات التنسيق والتعاون والتضامن بين دول المنطقة الى مستوى التحالف الاستراتيجي وخاصة السعودية ومصر والامارات والجنوب وكل القوى المناهضة للحوثيين وايران والدول التي تحاول زعزعة أمن واستقرار المنطقة.


وأخيرا فإن مضيق باب المندب مصلحة حيوية ترتقي إلى مستوى البقاء بالنسبة للجنوب وكل المنطقة والملاحة الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى