اتهامات للحوثيين بتعطيل المحاكم وإلحاق قضاة بدورة طائفية
الوسطى اونلاين – متابعات
اتهم محامون يمنيون الميليشيات الحوثية بتعطيل جميع المحاكم في مناطق سيطرتها، وأرغمت القضاة على الالتحاق بدورات طائفية تستمر أسبوعين، وربطت تسلم نصف الراتب الشهري الذي يصرف للقضاة بحضورهم هذه الدورة.
يتزامن ذلك مع استحداث الجماعة المدعومة من إيران قواعد جديدة للالتحاق بالمعهد العالي للقضاء في صنعاء، تحصر المقبولين بالعناصر المنتمين إلى سلالة زعيمها أو الملتحقين بالقتال في صفوفها.
وذكر أربعة من المحامين في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن المحاكم علقت عقد جلساتها للنظر في القضايا المنظورة أمامها باستثناء وجود قاض مناوب للأمور المستعجلة، بسبب قرار اتخذته ما تسمى بـ«المنظومة العدلية» التي أسسها ويقودها عضو مجلس حكم الانقلاب محمد علي الحوثي، ألزم جميع القضاة بالالتحاق بدورات طائفية مدتها أسبوعان.
وفي حين سيتم عزل هؤلاء القضاة عن العالم طوال هذه الفترة، أكدت المصادر أن هذه المنظومة أقرت وقف تسليم نصف الراتب الشهري الذي يصرف حصراً للقضاة دون بقية الجهاز الإداري إلى ما بعد انتهاء هذه الدورة.
وسخر أحد القضاة من الخطوة، وقال إنه وبدلاً من قيام الجماعة الانقلابية بصرف مرتبات القضاة، وجهوا بصرف دورة (ثقافية)، ووصف ذلك بأنه يعكس مستوى التدهور الذي وصلت إليه كافة مؤسسات الدولة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، مع سعي الأخيرة المحموم لفرض أفكارها الطائفية على كل قطاعات المجتمع.
مصادر عاملة في القضاء ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن قرار إلحاق القضاة بدورات طائفية جاء محصلة لاجتماع عقده محمد علي الحوثي مع ما يسمى مجلس القضاء في مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية، وأن الهدف من ذلك هو التأكيد من مدى إخلاص القضاة والتزامهم بالنهج الطائفي والسلالي في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.وسيتلقى الملتحقون بهذه الدورات – وفق المصادر – محاضرات ودروساً مكثفة طوال فترة الإخفاء، حيث نقلوا إلى بيوت سرية يتم خلالها عزلهم عن العالم وإلزامهم ببرنامج يبدأ من الفجر، وينتهي عقب صلاة العشاء.
شروط مجحفة لدراسة القضاء
هذه الخطوة أتت متزامنة مع وضع جماعة الحوثي الانقلابية شروطاً غير مسبوقة على الراغبين في الالتحاق بالمعهد العالي للقضاء في صنعاء، تجعل من هذا الحق محصوراً في أتباع سلالة الحوثي دون غيرهم، بعد أن واجهت الجماعة خلال الأعوام الماضية انتقادات واحتجاجات من الطلاب على إثر إلحاق المئات من العناصر السلاليين ممن لا تنطبق عليهم شروط الالتحاق بالمعهد.
ووفق استمارة التقييم النهائي للمقبولين، والتي وضعتها قيادة الجماعة والهادفة إلى تطييف القضاء وضمان سيطرة سلالة الحوثي عليه، فإنه من الواجب أن يكون المتقدم للالتحاق بالدراسة في المعهد العالي للقضاة من أسرة لها دورها في الحرب، مع ضرورة تحديد هذا الدور، هل كان مناصرة أو مشاركة في القتال، إلى جانب تحديد عمل المتقدم في جبهة القتال حالياً، مع ضرورة أن يكون حاصلاً على شهادات تثبت مشاركته في الدورات الطائفية، وأخرى عن مشاركته في القتال وتقديم نبذة مختصرة عن رصيده في الجبهات.
ولم تكتف الجماعة الانقلابية بتلك الشروط، بل طلبت التوقيع على طلب المرشح للالتحاق بالمعهد العالي للقضاء من مدير المديرية التي ينتمي إليها المتقدم ومدير الأمن بمحافظته ومدير المخابرات، وما يسمى مندوب التعبئة في المحافظة، على أن يتم المصادقة على تلك البيانات والتوقيعات من قبل المشرف الحوثي في المحافظة، ومن ثم محافظ المحافظة.
ولا تقتصر الشروط على ذلك بل تمتد إلى المكانة الاجتماعية للشخص المتقدم، وتقييم هذه المكانة من قبل القيادات الحوثية في المنطقة، إلى جانب إلزام المتقدم بتحرير تعهد باستعداده للالتحاق بما يسمى «الجهاد في القضاء»، وأن يقبل باستدعائه في أي وقت.
هذه الشروط أتت بعد موجة الرفض الشعبي لقرار الجماعة خلال العام الماضي بإلحاق أكثر من مائتين من مقاتليها في المعهد العالي للقضاء، بموجب رسالة من عبد الكريم الحوثي، عم زعيم الجماعة الانقلابية، والذي يشغل موقع وزير الداخلية في الحكومة غير المعترف بها، ومجموعة أخرى تم إلحاقهم بموجب ترشيحات من ابن عم زعيم الجماعة محمد الحوثي ومن القيادي أبو علي الحاكم.
وكان خريجو كليات القانون في الجامعة اليمنية الواقعة تحت سيطرة الجماعة الانقلابية اشتكوا منذ أسبوعين من عدم إفصاح إدارة معهد القضاء عن مواعيد التسجيل، وأكدوا أن عملية التسجيل تتم بسرية مطلقة، وبهدف استبعاد كل المتقدمين الذين لا ينتمون إلى سلالة الحوثي ولا يقاتلون في صفوفها.
الجماعة كانت استبعدت خلال العامين الماضين أكثر من مائتي طالب بعد أن اجتازوا جميع مراحل اختبارات القبول بنجاح، ورغم لجوء المستبعدين إلى المظاهرات وإلى المحكمة الإدارية، فإنهم فشلوا في الحصول على إنصاف.
ورغم الإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال اليمن مطلع الستينات من القرن الماضي فإن السلالة التي ينتمي لها الحوثي استمرت في السيطرة على مهنة القضاء، باستثناء عدد محدود من أفراد أسر يمنية، سمح لها بالعمل في هذه المهنة في إطار خدمة نظام الإمامة.
لكن هذه السلالة فقدت خلال العقدين الماضيين احتكارها لهذه المهنة، ولهذا فإنها تعمل اليوم – وفق مصادر قضائية ومحامين – على استعادة هذه السيطرة، واستباق أي اتفاق للسلام مع الحكومة المعترف بها دولياً، بغرض فرض أمر واقع.