صحيفة بريطانية: الاغتيالات ورقة الحوثيين لزرع الشكوك بين خصومهم
الوسطى اونلاين / العرب اللندنية :
رجحت مصادر يمنية أن تكون الجماعة الحوثية هي التي تقف خلف حادثة اغتيال القيادي في المقاومة الشعبية في محافظة البيضاء وقائد جبهة الحازمية موسى محسن المشدلي من خلال عبوة ناسفة زرعت في سيارته في مديرية دار سعد بالعاصمة عدن، وكذلك محاولة اغتيال قائد قوات التدخل السريع بمحافظة أبين عبد الرحمن الشنيني.
وقالت المصادر إن المشدلي الذي ينتمي للتيار السلفي قتل السبت نتيجة عملية استخبارية حوثية، انتقاما من دوره في قيادة آخر جبهات المقاومة التي ما تزال صامدة في وجه الميليشيات الحوثية في البيضاء.
وجاءت عملية الاغتيال التي تم تنفيذها في مدينة عدن بعد ساعات من تصريحات أطلقها عبدالملك الحوثي زعيم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران توعد فيها باستعادة كافة المناطق والمحافظات اليمنية المحررة وفي أعقاب هجوم شنته الميليشيات على قاعدة العند (شمال العند) أوقع العشرات من القتلى والجرحى في صفوف المقاومة الجنوبية وقوات العمالقة.
واعتبر مراقبون يمنيون أن التصعيد الحوثي باتجاه المناطق المحررة في الجنوب انعكاس لحالة الشعور بالقوة الفائضة لدى الحوثيين الذين استفادوا من التحولات المحلية والإقليمية والدولية المتسارعة والتي كان آخرها الانسحاب الغربي المذل من أفغانستان.
واعتبر الباحث السياسي اليمني سعيد بكران في تصريح لـ”العرب” أن عملية الاغتيال التي طالت أحد قادة المقاومة في العاصمة عدن عملية ارهابية المستفيد منها الوحيد هو الحوثي ذراع الحرس الثوري الإيراني البارع في مثل هذا النوع من الاغتيالات في العراق ولبنان واليمن.
وأشار بكران إلى أن مكاسب الحوثيين من مثل تلك العملية “لا تقتصر على الانتقام من شخصية قيادية قاتلتهم في البيضاء فقط، بل ترسل رسالة تحد تقول بأن الجماعة الحوثية لديها يد قادرة على الوصول إلى كل مدينة وتصفية أعدائها، كما أنها تبعث رسالة شك خطرة للأطراف التي تقاتلها إذ تزرع بينهم الشكوك والظنون وتدفعهم إلى تبادل الاتهامات وبالتالي تدمّر أيّ إمكانية لوجود جبهة موحدة تواجه الجماعة الإيرانية في الأساليب والمنهج والأدوات والاستراتيجية”.
ومنذ بداية الحرب في اليمن عمل الحوثيون على توظيف الأذرع الأمنية والاستخبارية التي سيطروا عليها في أعقاب الانقلاب وطعّموها بأجهزتهم الأمنية الخاصة التي دربتها إيران، على نشر العديد من الخلايا في المناطق والمحافظات المحررة التي تولت عمليات زرع العبوات الناسفة وتنفيذ الاغتيالات بحق القيادات العسكرية والأمنية التي تمثل خطرا على المشروع الحوثي، إضافة إلى جمع المعلومات ولعب دور حاسم في زعزعة الأمن في المناطق المحررة والوقيعة بين الأطراف المناهضة للانقلاب.
ووفقا لمصادر يمنية مطلعة فقد عمل الحوثيون على جعل نشاطهم الاستخباري حاضرا في المحافظات المحررة ترقبا لنقل هذا الدور إلى مرحلة أخرى تتوافق مع تطلعات قادة الجماعة لاستعادة كافة المحافظات اليمنية التي خسروها منذ بداية الحرب، وهو الأمر الذي أعلن عنه زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في آخر تصريحاته.
وفي تصريح لـ”العرب” أكد الباحث العسكري اليمني وضاح العوبلي بروز مؤشرات على سعي الحوثي لتنشيط أدائه الاستخباراتي خلال الفترة القادمة في اتجاه تعزيز حالة الانقسام في صفوف خصومه وتصعيد مستوى العداء والتشظي بين المكونات المنخرطة مع التحالف في مواجهة الانقلاب.
ولفت العوبلي إلى أن العمليات التي يتم تنفيذها في المحافظات الجنوبية يتحاشى الحوثيون عادة الإعلان عن تبنّيها أو نفي صلتهم بها، بهدف ترك الباب مواربا أمام تبادل الاتهامات بين أطراف الشرعية.
وتابع “كلنا نتذكر التخمينات والاتهامات المتبادلة عقب استهداف مطار عدن، لولا مسارعة النشطاء والاستخبارات التابعة للشرعية لاحقا، لكشف المعلومات التي تدحض تلك الشائعات التي كانت تزعم بأن استهداف المطار تم بقذائف هاون من محيط المطار، إلا أن المعلومات أكدت فيما بعد إطلاق الحوثيين صاروخين من قرن ذمار ومثلهما من المطار القديم في تعز لاستهداف مطار عدن بالتزامن مع وصول حكومة المناصفة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الاستهداف الذي تم قبل أيام لقاعده العند، ولا أستبعد أن نشهد عمليات على غرارهما”.
ولا يستبعد العوبلي أن يكون حادث الاغتيال الذي طال قائد مقاومة الحازمية في محافظة البيضاء والذي تم داخل مدينة عدن، في سياق النشاط الاستخباري الحوثي إلى جانب تحقيق أهداف أخرى من بينها إرسال رسائل قوة إلى الخارج وتهديد إلى الأطراف الداخلية.
وفي ذات السياق، أصيب قائد قوات التدخل السريع بمحافظة أبين عبدالرحمن الشنيني بطلق ناري نقل على إثره إلى مستشفى في عدن.
وقال مصدر مقرب من أسرة الشنيني إن الأخير “أصيب بطلقة نارية اخترقت صدره قرب منزله في مدينة جعار بأبين”، وأوضح أن الشنيني الذي يشغل أيضا منصب نائب قائد قوات الحزام الأمني في أبين نقل على إثر ذلك إلى قسم العناية المركزة بأحد مستشفيات محافظة عدن.
وكانت السلطات الأمنية التابعة للشرعية قد أعلنت خلال الأعوام السابقة عن ضبط عدد من الخلايا الحوثية النائمة في عدن ومأرب نفذت مهام اغتيالات ورصد، إلى جانب قيامها بزرع عبوات متفجرة إمّا لاستهداف شخصيات بعينها أو بغرض زعزعة الأمن في المناطق التي تسيطر عليها الشرعية.
وكشف التصعيد العسكري والسياسي الحوثي المتزامن خلال الآونة الأخيرة عن تحولات في استراتيجية الجماعة المدعومة من إيران وانفتاح شهيتها لتوسيع دائرة مكاسبها على الأرض، مستغلة حالة الصراع المتصاعد في معسكر مناهضيها، وانشغال التحالف العربي بإعادة تقييم ملف الحرب، إضافة إلى الارتباك الدولي اللافت والذي عكسته تصريحات المسؤولين الأمميين والدوليين التي يغلب عليها طابع الإحباط والقبول بسياسة الأمر الواقع والتعاطي مع المعطيات التي تشكلت على الأرض خلال سبع سنوات من الحرب.
وكثّف الحوثيون من هجماتهم على محافظة مأرب في الأيام الماضية، بالتوازي مع تصعيد الهجمات على الأراضي السعودية باستخدام الطائرات المسيّرة المفخخة، كما أخذ التصعيد الحوثي منحى حادا بعد الاستهداف الذي طال قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج جنوب اليمن في مؤشر على إحياء الحوثيين لرغباتهم في العودة إلى جنوب اليمن الذي تم طردهم منه بعد انطلاق عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل في مارس 2015.