تحليل عسكري يكشف فرضيات حصول الحوثيين على دعم ومساندة روسية لاستهداف طائرات “إم كيو ريبر” الأمريكية
كشف موقع “ديفانس لاين” نقلا عن محللين قولهم إن هناك ترجيحات بوجود مساعدة روسية وايرانية للحوثيين لاستهداف إم كيو9 ريبر التي أعلن الحوثيون إسقاط 15 منها..
وبحسب “ديفانس لاين” الموقع المتخصص بالشأن العسكري والأمني تكررت إعلانات جماعة الحوثي المدعومة من إيران إسقاط طائرات بدون طيار، معظمها طائرة الدرون الأمريكية “إم كيو- MQ”، لكن النصيب الأكبر من ذلك النوع من الطائرات كان لطراز “إم كيو9- ريبر MQ-9 Reaper” من هذا الجيل المتطور.
إذ تقول الجماعة الحوثي في بياناتها إنها أسقطت (16) طائرة من طراز ريبر منذ إسقاط أول طائرة في (1 أكتوبر 2017) في منطقة سكانية شمالي العاصمة صنعاء، وأن (12) أسقطتها الجماعة منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر المنصرم.
في آخر إعلان لها، قالت الجماعة أنها أسقطت طائرة جديدة من نوع ريبر يوم 8 نوفمبر “أثناء قيامها بأعمال عدائية” فوق أجواء منطقة اليتمة بمحافظة الجوف شمالي شرق البلاد. مشيرة في بيان لها أن الإسقاط تمت بصاروخ أرض- جو.
واشار “ديفانس لاين” أنه لا يعرف العدد الفعلي للطائرات التي أسقطها الحوثيون منذ تمكنوا من تطوير قدرات دفاعية وصاروخية في 2017م، بفضل التسليح والتقنيات والدعم اللوجستي والمعلوماتي المتدفق للجماعة من إيران، وأنظمة الدفاع الجوي التي تمكنوا من حيازتها من إيران وتجميع مكوناتها من مصادر أخرى.
فيما لم يفصح الجيش الأمريكي عن معلومات فعلية حول الطائرات التي فقدها في اليمن، باستثناء اعترافات محدودة.
طورت أمريكا هذا النوع من الطائرات المعروفة بـ”الحصادة، المفترس”، وأدخلتها الخدمة في سلاح الجو الأمريكي كطائرة مسلحة قاتلة أساسية. تعد من أحدث الطائرات الأميركية دون طيار، وتمتلك مواصفات تكنولوجية عالية، ويمكنها القيام بعدد من المهام في ساحات المعارك. وهي قادرة على القيام بمهمات تتعلق بالرصد والمراقبة والتجسس والبحث والإنقاذ، كما أنها قادرة على مهاجمة أهداف على الأرض، وتستخدم قاذفة للصواريخ والقنابل.
ويمكن لها حمل ثمانية صواريخ موجهة بالليزر و16 صاروخا من طراز Hellfire وما يصل إلى 1300 باوند (590 ليتر) من الوقود، ما يسمح لها بالتحليق في الهواء لمسافة 1150 ميلا (1850 كيلومتر) والطيران على ارتفاع يصل إلى 50000 قدم.
وإلى جانب استخدامها في سلاح الجو الأمريكي تستخدم بريطانيا هذا النوع من الطائرات، ومن بين الدول المشغلة أيضا فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والهند واليابان وهولندا.
وقد تم استخدام هذه الطائرات في حروب أفغانستان والعراق وفي سوريا منذ عام 2014م.
عيوب وتكلفة عالية
ونشر “ديفانس لاين” مقابل الخصائص والمواصفات المتطورة التي تمتلكها طائرة الريبر إلا أن تكلفتها عالية إذ تقدر قيمتها بـ30 مليون دولار بدون حمولة، وقد تصل تكلفتها مع الأسلحة إلى 50 مليون دولار.
بينما يشير محللون إلى أن عيوب السرعة البطيئة ونقص الأسلحة الدفاعية تجعل من السهل نسبيا إسقاطها. إذ تمثل سرعتها البطيئة نقطة ضعف قاتلة، مقارنة بغيرها من طائرات الدرون وسرعة الصواريخ المضادة للطائرات. إضافة إلى ضعف مناورتها مع الأهداف المعادية وقلة أسلحتها الدفاعية لصد الهجمات.
ويبث “الاعلام الحربي” للجماعة صورا لحطام تلك الطائرات تظهر بعضها أنها لا تزال سليمة.
ويرى خبراء ل “ديفانس لاين” بأن الجماعة تحرص على الاستفادة من حطام الطائرات وذخائرها الاستراتيجية التي تقع بين يدي الجماعة لتطوير قدراتها النوعية واستنساخ التقنيات المتطورة. خصوصا صواريخ هيلفاير (AGM-114 Hellfire) الموجهة التي توصف بأنها أحدث إنتاجات التصنيع الحربي الأمريكي، فطائرات ريبر تستطيع حمل أربعة من هذه الصواريخ الفتاكة التي تستخدمها الجيش الأمريكي للعمليات الدقيقة ومحاربة “تنظيم القاعدة”.
يقول الحوثيون غالبا أن عمليات الإسقاط تمت جميعها بصواريخ أرض- جو، تدعي عادة أنها “محلي الصنع”. وتنشر الجماعة مشاهد تم التقاطها من كيمرات حرارية بعضها يتم دبلجتها لبعض عمليات الإسقاط.
ويتوقع خبراء أن الجماعة تستخدم صاروخ “صقر 358” المعروف بصاروخ “سام 358” المتقدم الذي طورته إيران ونقلته لوكلائها في المناطق العربية، ومن بينها الحوثيين في اليمن.
هذا الطراز هو صاروخ مُتسكع بنظام ثنائي يجمع بين قدرات الطائرات بدون طيار الانتحارية والصواريخ المضادة للطائرات أرض-جو، وتستخدمه الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق ولبنان. وأفصح الحوثيون عن استخدامه منذ عام 2020 كصاروخ مضاد للطائرات “أرض-جو”.
دور روسي مساعد للحوثيين
وأكد “ديفانس لاين” أنه بالتزامن مع ارتفاع إعلان الحوثيين إسقاط هذا العدد الكبير من الطائرات منذ تدشين الجماعة عمليات استهداف السفن في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن في نوفمبر 2023 تحت لافتة مناصرة غزة وفلسطين، يفتح الباب أمام التكهنات واحتمالات حصولهم على دعم خارجي، قد لا يتوقف فقط عند حيازة الصواريخ والسلاح الجوي المتقدم من إيران.
انخرطت أمريكا وبريطانيا وعواصم أوروبية أخرى في عملية “حارس الازدهار” لتامين عبور السفن في البحر الأحمر، وتقوم بتسيير طائرات استطلاعية وقتالية من بينها مقاتلات ريبر في مناطق خاضعة للحوثيين، فيما تنفذ القوات الأمريكية والبريطانية عمليات تستهدف مواقع وقدرات للحوثيين داخل المناطق الخاضعة للجماعة، وتقتضي تلك العمليات بلا شك تسيير مزيد من الطائرات غير المأهولة للاستطلاع والمعلومات وتنفيذ هجمات كذلك.
وتابع “ديفانس لاين” من جانب آخر، يتحدث مسئولون أمريكيون أن روسيا تسعى للاتصال بالحوثيين ولعب دور عسكري في الشرق الأوسط ردا على دعم واشنطن لأوكرانيا ومد كييف بأسلحة وتقنيات متطورة.
وفي هذا السياق يمكن وضع في الاعتبار التقارير التي تتحدث عن تعاون روسي مع الحوثيين ومساعدتهم في عملياتهم البحرية التي تستهدف السفن عبر تزويدهم بمعلومات وإحداثيات الأقمار الصناعية عبر إيران والحرس الثوري، فيما تسربت تقارير مؤخرا عن صفقة محتملة أبرمتها روسيا مع الحوثيين بوساطة إيرانية لنقل صواريخ متطورة مضادة للسفن وللطائرات، وأن الصفقة المتوقعة قد تشمل نقل روسيا صواريخ كروز متطورة للحوثيين، بينها صواريخ “ياخونت” المعروفة أيضا باسم “بي 800 أونيكس” أحدث الصواريخ الروسية التي كانت موسكو قد زودت حزب الله بهذا النوع من الصواريخ.
بالتالي فأنه لا يمكن تجاهل احتمال وجود دور روسي إلى جانب دور الحرس الثوري وفيلق القدس في مساعدة الحوثيين لاستهداف تلك الطائرات المصممة بأحدث التقنيات وأجود المواصفات. كما يرى محللون تحدثوا لـ”ديفانس لاين”.
وبالعودة إلى تسلسل حوادث إسقاط هذا النوع من الطائرات في المنطقة خلال الفترة الأخيرة، يمكن النظر إلى حادثة تحطم مقاتلة أمريكية من طراز ريبر في مياه البحر الأسود في 14 مارس، بعد أن اعترضتها طائرة مقاتلة روسية من طراز Su-27.
ووفقًا لتقرير البنتاغون في ذلك الوقت، قامت الطائرة الروسية بإلقاء الوقود وأصابت الطائرة ريبر، تسبب ذلك في فقدان مشغل ريبر السيطرة عليها، ما أدى إلى سقوطها في البحر. ولم تتمكن أمريكا لاحقا من استعادة حطام الطائرة المفقودة فيما تحدثت تقارير بعد نحو شهرين أن البحرية الروسية عثرت على الحطام.
لم يكن هذا الاحتكاك بين سلاح الجو الأمريكي الروسي هو الوحيد، ففي حوادث مماثلة وقعت في سوريا ثلاث مرات خلال شهر يونيو 2023 بين طائرات بدون طيار أمريكية وروسية وصلت حد مواجهة جوية عنيفة.
وكان البنتاغون قد أخضع صفقة محتملة لتزويد أوكرانيا في حربها ضد روسيا بعدد من مقاتلات إم كيو ريبر، للمراجعة مع تزايد احتمالات أن تلك الطائرات ستكون أهدافا سهلة لسلاح الجو الروسي.
تسلسل حوادث الإسقاط وجغرافيا وقوعها
ويشير “ديفانس لاين” أنه للمرة الأولى، أعلن الحوثيون إسقاط طائرة استطلاعية من طراز إم كيو ريبر في (1 أكتوبر 2017) فوق الأحياء الشمالية بالعاصمة صنعاء، ثم أعلنت الجماعة بعد أكثر من عامين ونصف إسقاط طائرة من هذا النوع في (6 يونيو 2019) في أجواء محافظة الحديدة غربا، وأخرى (21 أغسطس 2019) في أجواء محافظة ذمار وسط البلاد، وطائرة رابعة (23 مارس 2021) في أجواء محافظة مأرب شرقا.
فيما تقول الجماعة إنها أسقطت (12) طائرة منذ وقوع “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023.
وبالنظر إلى زمن ومكان إسقاط الطائرات الـ12، تشير وسائل إعلام الجماعة إلى أن الطائرة الأولى أسقطت (8 نوفمبر) في أجواء المياه الإقليمية بالبحر الأحمر، والثانية (19 فبراير) في أجواء محافظة الحديدة شمالي غرب، والثالثة (26 أبريل) في أجواء محافظة صعدة شمالا، والرابعة (16 مايو) في أجواء محافظة مأرب شمالي شرق، والخامسة (21 مايو) في أجواء محافظة البيضاء وسط البلاد، والسادسة (29 مايو) في أجواء مأرب، والسابعة (4 أغسطس) في أجواء صعدة، والثامنة (7 سبتمبر) في أجواء مأرب، والتاسعة (10 سبتمبر) في أجواء صعدة، والعاشرة (16 سبتمبر) في أجواء محافظة ذمار وسط. أما الطائرة الحادية عشرة المزعوم إسقاطها (30 سبتمبر) في أجواء صعدة، والثانية عشرة (8 أكتوبر) في أجواء الجوف.
ووفقا لما أعلنته الجماعة والبيانات الصادرة عنها فقد توزعت عمليات إسقاط الطائرات الـ16 على: 4 في صعدة معقل الجماعة، 4 مأرب، 3 الحديدة، 2 ذمار، وواحدة في البيضاء ومثلها في الجوف، وطائرة في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة.