الحوثيون يقطعون آخر شريان يربط الشمال بالجنوب
الوسطى اونلاين – متابعات
أغلق الحوثيون أهم الطرق الحيوية التي تربط شمال اليمن بجنوبه، ما تسبب في أزمة إنسانية ومعاناة كبيرة للأهالي في المنطقة، حيث بات قطع الطرق سياسية حوثية ممنهجة.
ووفقاً لشهادات ناشطين محليين، قامت ميليشيات الحوثيين بتفجير جبل في منطقة الشريجة، الواقعة بريف مديرية القبيطة شمال شرقي محافظة لحج، باستخدام عبوات ناسفة، مما أدى إلى قطع الطريق الحيوي بالكامل.
وأدت هذه الخطوة إلى حصار مئات المواطنين في منطقة الدُبَي، حيث بات الوصول إلى الخدمات الأساسية شبه مستحيل. ويعاني المواطنون المحاصرون حالياً من شلل شبه كامل في التنقل وتوصيل الإمدادات، فيما يحذر ناشطون من تفاقم الوضع الإنساني إذا استمر الحصار.
ويُعد هذا الطريق آخر شريان يربط بين الشمال والجنوب بعد أن تم إغلاق منافذ أخرى نتيجة للصراع الدائر في البلاد.
وهذا التصعيد يفاقم من معاناة السكان المحليين، وسط دعوات متزايدة من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي للضغط على مليشيا الحوثيين لوقف ممارساتها العدائية وضمان فتح الطرق الحيوية لتخفيف الأزمة الإنسانية التي تعصف باليمن.
وتكرر الميليشيات الحوثية قطع الطرق بين المدن اليمنية وأصبحت سياسة ممنهجة تترك تبعات كارثية على السكان، فقد أغسطس/آب الماضي أفادت مصادر محلية وسكان بمحافظة صنعاء، بأن الحوثيون أقدموا على قطع طريق يربط أكثر من 20 قرية من قرى مديرية أرحب ومنطقة الجاهلية بمديرية همدان (شمالي محافظة صنعاء).
وذكرت المصادر أن المواطنين المتضررين أبلغوا سلطات جماعة الحوثي، إلا أنهم لم يتلقوا أي تجاوب.
واتهموا سلطات الأمر الواقع التابعة للحوثيين بـ“التواطؤ مع العناصر الحوثية لقطع الطريق”، وأضافوا أن الهدف هو “ابتزاز أهالي المنطقة وأخذ جبايات باهظة من مبيعات القات بذريعة أن تلك الطريق تستخدم لتهريب المخدرات”.
وأوضحت المصادر أن الطريق التي أقدمت العناصر الحوثية على قطعها هي “طريق قديمة، وليست مستجدة كونها تمر من منطقة الجاهلية بيت دودة، وتربط همدان مع أكثر من 20 قرية في مديرية أرحب”.
واظهرت صور وتسجيلات مصوّرة العديد من الصخور السوداء الكبيرة مكدّسة على امتداد الطريق الوعرة، ويظهر فيها سيارات متوقفة وعاجزة عن التقدم بسبب هذه الصخور. فيما تحدّث سكّان محليون عن جريمة قطع الطريق العامة دون أي سبب أو مبرر ما أعاق حركة الأهالي وتنقّلاتهم اليومية.
كما يشكو المسافرون إلى مناطق سيطرة الجماعة من ممارسات تعسفية تنتهجها نقاط التفتيش، إذ تُقدِم على البحث في أمتعتهم وحقائبهم وسؤالهم عن محتوياتها، والاستفسار عن جميع الأغراض بما فيها الملابس والأغراض الشخصية.
ويقول أحد الناشطين إنه يعاني كثيراً في نقاط التفتيش الحوثية التي يضطر إلى العبور منها باستمرار بحكم عمله وسفره الدائم، حيث يجري سؤاله عن كل محتويات حقيبته، خصوصاً الجديدة منها.
ويضطر الناشط، الذي فضل عدم الكشف عن بياناته، إلى استخدام الملابس والأغراض الجديدة التي يشتريها قبل العودة، أو إزالة أدوات التغليف منها، حتى لا يتعرض للتحقيق حولها أو مصادرتها، وذلك بعد تجربة سابقة له حين جرى مصادرة عدد من الأقْمِصَة التي اشتراها هدايا.
ويعتمد الحوثيون على نقاط التفتيش بوصفها أحد مصادر إيرادات الجماعة الضخمة، وإلى جانب استحداث نقاط تحصيل ضريبي في مختلف الطرقات، ومراكز جمركية في المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بالمناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية، كلفت عدداً كبيراً من قادتها وأفرادها في نقاط التفتيش بفرض جبابات على مختلف أغراض المسافرين والمواد المنقولة براً.
ومؤخرا، اتجه الحوثيون إلى توسيع دائرة مواردهم من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيهم إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتهم، وأنشأوا آلية جديدة تحت اسم “موارد دعم القضاء”، إلى جانب توجههم لفرض جبايات على صناعة المحتوى الإلكتروني، وعلى عدد من الخدمات العمومية.
وكشفت وثيقة جرى تسريبها عن قرار أصدره القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى بدمج عدد من المؤسسات في السلطة القضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وإعادة تنظيم مهام وأهداف الكيان الجديد، بما في ذلك تولي تحصيل موارد ما سماه “صندوق دعم القضاء”.
ورجحت المصادر أن يكون قرار إنشاء صندوق بهذا الاسم بوابة لتحصيل جبايات مختلفة من مصادر متعددة، سواء من المؤسسات أو القطاعات الإيرادية، بهدف السيطرة على إيراداتها وضمان دخولها في أرصدة تابعة للجماعة في البنوك، أو من الشركات التجارية والتجار ورجال الأعمال، وحتى من صغار الباعة ومختلف المهن والأعمال.
وذهبت المصادر في توقعاتها إلى أن مثل هذا الصندوق قد يستخدم في ابتزاز التجار ورجال الأعمال والشركات والبيوت التجارية، من قبيل أن عدم مساهمتهم في رفد موارد القضاء قد يتسبب في تعطيل مصالحهم أو معاملاتهم القانونية، وإجراءات التقاضي الخاصة بهم.
وبدأت الجماعة الحوثية منذ أسابيع تقليص الهيكل الإداري للدولة ومؤسساتها في مناطق سيطرتها من خلال عمليات دمج وإلحاق وإلغاء، بهدف مزيد من السيطرة عليها وإزاحة الموظفين فيها من غير الموالين للمشروع الحوثي.