أخبار عربية ودولية

قيادي حوثي يثير جدلاً في القاهرة بلقاء رسمي.. والسفارة اليمنية تلتزم الصمت

الوسطى اونلاين – متابعات

في تطور مثير للجدل أثار تساؤلات سياسية ودبلوماسية، ظهر القيادي البارز في جماعة الحوثي، محمد علي عباس، خلال لقاء رسمي جمعه برئيس هيئة الدواء المصرية في العاصمة القاهرة، في خطوة اعتبرها مراقبون اختراقًا جديدًا تسعى الجماعة من خلاله إلى تثبيت حضورها خارج الإطار الرسمي المعترف به دوليًا.

محمد علي عباس، الذي يقدّم نفسه كرئيس للهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية التابعة لحكومة الحوثيين في صنعاء، ترأس وفدًا زار مقر هيئة الدواء المصرية، حيث نُشرت صور اللقاء عبر بيان رسمي صدر عن الهيئة على موقعها الإلكتروني. البيان تحدّث عن مناقشة آفاق التعاون في المجالات الدوائية وتبادل الخبرات، في لغة توحي بعلاقة رسمية بين الجانبين، ما أثار استغراب الأوساط الدبلوماسية والإعلامية.

بيان محذوف وصمت رسمي
لم يلبث أن تم حذف البيان الرسمي بعد ساعات من نشره، في ظل توجيهات صدرت – وفق مصادر إعلامية – بسحب الخبر من عدد من الصحف المصرية التي كانت قد نشرته، وعلى رأسها اليوم السابع والجمهورية. وجاء هذا التراجع المفاجئ وسط تصاعد الانتقادات حول السماح بلقاء مسؤول يمثل سلطة غير معترف بها دوليًا.

اللافت أن السفارة اليمنية في القاهرة، الممثلة للحكومة اليمنية المعترف بها، التزمت الصمت حيال هذه الواقعة، ولم تصدر أي توضيح أو بيان يشرح ملابسات اللقاء، أو يكشف ما إذا كانت على علم مسبق بالزيارة، ما فُسِّر على نطاق واسع كحالة من الغياب أو التقصير الدبلوماسي في مواجهة تحركات الحوثيين الخارجية المتزايدة.

تحركات حوثية متكررة لخلق شرعية موازية
الواقعة في القاهرة ليست الأولى من نوعها، إذ تأتي بعد أسابيع من توقيع الحوثيين اتفاقية تعاون مع جهة رسمية في الأردن، ألغيت لاحقًا بعد تدخل مباشر من السفارة اليمنية في عمّان واحتجاج رسمي من الحكومة اليمنية. هذه الحوادث، بحسب مراقبين، تؤكد اعتماد الجماعة على استراتيجية تهدف إلى فرض تمثيل سياسي غير معلن عبر أغطية فنية أو خدمية.

ويعتبر خبراء في الشأن اليمني أن جماعة الحوثي تعمل على توظيف هذه اللقاءات لإظهار نفسها كطرف يمتلك مؤسسات رسمية ذات امتدادات خارجية، وهو ما يخالف القرارات الأممية التي تؤكد على الاعتراف بالحكومة الشرعية فقط كممثل للدولة اليمنية.

الدواء كغطاء.. والهدف سياسي
وعلى الرغم من أن اللقاء قُدّم إعلاميًا على أنه تعاون في المجال الدوائي، إلا أن الشخصية التي ترأست الوفد – محمد علي عباس – تحمل صفة قيادية رسمية في سلطة الأمر الواقع في صنعاء، ما يجعل اللقاء يحمل طابعًا سياسيًا ضمنيًا لا يمكن تجاهله.

وقد حذر مراقبون من أن تكرار مثل هذه الحوادث يمنح الجماعة فرصة لمراكمة مكاسب سياسية على المستوى الدولي، واستغلالها داخليًا لترويج صورة “الشرعية” التي تسعى لترسيخها إعلاميًا، خاصة أمام جمهورها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

الموقف المصري بين الإحراج والغموض
حتى الآن، لم يصدر عن هيئة الدواء المصرية أي توضيح رسمي حول ملابسات اللقاء، أو سبب حذف البيان، وهو ما يُبقي الموقف غامضًا، ويضع علامات استفهام حول مدى التنسيق بين المؤسسات المصرية والبعثات الدبلوماسية اليمنية في مثل هذه الحالات الحساسة.

ورغم أن القاهرة دأبت على التأكيد على موقفها الثابت من دعم وحدة اليمن وشرعيته السياسية، إلا أن هذه الواقعة، بحسب مراقبين، تمثل ثغرة يجب احتواؤها وتفسيرها لتفادي إرباك المشهد الدبلوماسي بين البلدين، والحفاظ على صورة الانسجام مع الموقف العربي الداعم للشرعية اليمنية.

مطلب بإعادة تقييم الأداء الدبلوماسي اليمني
في ضوء تكرار مثل هذه الحوادث، تتصاعد الدعوات لإعادة النظر في أداء السفارات اليمنية، ورفع جاهزيتها للتصدي لمحاولات الحوثيين اختراق التمثيل الرسمي، خصوصًا في العواصم العربية التي تشكل ساحة مركزية في المشهد الدبلوماسي الإقليمي.

ويرى ناشطون وخبراء أن استمرار حالة البطء أو الغياب في التعامل مع مثل هذه التحركات يشجع الجماعة على مواصلة محاولاتها لكسب اعتراف غير مباشر، ما قد ينعكس سلبًا على جهود الحكومة اليمنية في تثبيت شرعيتها، والحفاظ على وحدة الموقف الدولي تجاه الصراع.

الملف مفتوح والأسئلة معلقة
تظل هذه الحادثة مفتوحة على تساؤلات متعددة: من رتب اللقاء؟ ولماذا تم التعامل مع الوفد الحوثي بصفة رسمية؟ وهل هناك آلية تنسيق فعّالة بين السفارة اليمنية في القاهرة والمؤسسات المصرية؟ أم أن الفجوات القائمة تُستخدم كفرص لتمرير أجندات جماعة الحوثي؟

وحتى صدور توضيح رسمي من السفارة اليمنية أو من الجانب المصري، فإن الواقعة ستبقى نموذجًا جديدًا لمحاولات الحوثيين كسر العزلة الدولية، وتذكيرًا مستمرًا بأهمية اليقظة الدبلوماسية في وجه أدوات الحرب الناعمة التي باتت تعتمدها الجماعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى