عباءة تنظيم “إخوان اليمن” مقال /طه بافضل
الوسطى اونلاين – خاص
في اليمن، رفع حزب التجمع اليمني للإصلاح منذ تأسيسه، شعار تنظيم الإخوان المسلمين بأن الإسلام هو الحل، والمقصود تحكيم الشريعة الإسلامية بدلًا من أنظمة الحكم الوضعية المضادة له كما يزعمون.
مقصدي من المقال هو الانتشار الفكري والسياسي والعسكري لإخوان اليمن، وهو ما قصدته بقولي “عباءة” تنظيم إخوان اليمن؛ العباءة التي تدخل تحتها مجموعات إسلامية أيديولوجية وعسكرية وان تسمت بأسماء خاصة بها، فهي في الأخير إما تتماهى معه، وإما أن تنظيم الإخوان أضفى صبغة التبعية عليها بالكذب والتزوير، أو أن منطلقات هذه المجموعات تتشابه في الهدف الأساس وهو شعار الشريعة والحاكمية، وتختلف في الآلية والطريقة.
فالسلفية الدعوية كالجمعيات الخيرية التي تتبع حزب الإصلاح مباشرة أو الجمعيات التي لا تتبعه ولكن تتشابه في التوجه الايديولوجي والتنظيمي، والسلفية الجهادية التي أفرزت تنظيمات مسلحة متطرفة وإرهابية، كلاهما لا يبعدان كثيرًا عن هذا التنظيم العالمي بل الارتباط ليس ضعيفًا خصوصًا في الآونة الأخيرة بعدما اشتدت وقويت الضربات عليه وتعددت الخسائر وأوشك على الانتهاء والإغلاق في مناطق شتى من عالمنا العربي والإسلامي.
في اليمن اليوم، واقعيًا، لا وجود حقيقي لحزب وتنظيم فاعل سياسيًا ودينيًا عسكريًا سوى تنظيم الإخوان الذين يلعبون لعبة أيديولوجية وسياسية عملية على الأرض باستخدام الدين والمنطلقات الإسلامية ذريعة لبسط النفوذ والسيطرة سياسيًا و اقتصاديًا والثاني هو منبع التموين والدعم، والأول هو الممهد للثاني من خلال السيطرة على مصدر القرار السياسي كما فعلوا مع شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، وإفراغهم لمضمون قراره وعبثهم المتكرر بقرارات التعيينات في الوظائف والمناصب والأخطر احتفاظهم بمليشياتهم المسلحة تحت مسمى الجيش اليمني الذي مرت عليه ست سنوات وهو الآن في السابعة ولم يفلح في هزيمة الانقلاب الحوثي على شرعية هادي والحيلولة دون إسقاط الجمهورية، ولم يفلح قادته في المحافظة على عورات بيوتهم ولا كرامة حزبهم الذي تهاوت تحت ضربات الحوثي المتتالية حتى أنهكهم وأنهاهم، واليوم يسعون للتحالف معه والاتفاق على إسقاط المناطق المحررة لتكون في قبضة الانقلاب الحوثي.
عباءة تنظيم الإخوان اليمني شملت في نظر الآخرين، كل من لديه مظهر إسلامي كالتزام بالمظاهر والشعائر الإسلامية أو محب للخير وكاره للشر والفساد، وأصبح كل ملتزم في نظر المناوئين داخلا في حكم الإخونجية شاء أم أبى بمعنى أنه عضو في حزب الإصلاح وإن لم يكن كذلك، أو حتى كان مناوئا ومعارضا له، هو في الأخير إخونجي المظهر والعقلية والسلوك، بالرغم من الانحراف الكبير الذي يتصف به حزب التجمع اليمني للإصلاح المختلف تماما عن استقامة هذا الملتزم المسلم.
خطورة الأحزاب الإسلامية، وخصوصا تنظيم الإخوان، أنه جعل من نفسه واجهة للدين الإسلامي، وأنه المتحدث والممثل العظيم والكبير واسع الانتشار للشعائر الإسلامية، فأدخل بذلك في عباءته كل من يرتبط معه في قاسم مشترك وهو حب التدين والالتزام المظهري بالشعائر التعبدية.
حتى المعارض لسياساته ومن خرج من عباءته الحزبية مهما فعل وانتقد وصرّح بأنه ضده وليس منه، فهو من تنظيم الإخوان؛ هكذا يراه كل من له موقف من التوجه الديني والالتزام بالشعائر المظهرية الإسلامية!
صحيح، كثير من المتدينين عندما يتحدثون ويردون ويناقشون في مواضيع الحرب في اليمن أو يدافعون عن قضايا إسلامية تجد أنهم يستعينون في حججهم وأدلتهم على صدق قولهم بنفس خطاب تنظيم الإخوان العالمي، حتى في القضايا الفرعية الخاصة ببلدهم ويقفون نفس الموقف دون تمهل ولا ترو أو تجرد. تحكمه العاطفة الدينية، ويستولي عليه حسن الظن والثقة العمياء في صاحب المظهر الإسلامي، وهو ما يجعل خصومهم لا يجدون فرقا بينهما البتة.
في الختام، عندما نتحدث عن (العباءة) أو مساحة الانتشار الذي حصل عليه تنظيم الإخوان في صفوف الكثير من المسلمين إنما كان نتيجة استخدام التدين في كل ما يتصل بهم من شعارات وانتخابات وأعمال خيرية ونداءات وخطب ومحاضرات حتى ولو كان من يرفعها يخالف قوله فعله وواقعه وحاله، المهم أن كل ذلك يخدم التوجه الحزبي للتنظيم وليس يخدم البلد الذي وصل وضع المواطن المعيشي فيه إلى الحضيض والهاوية، واستثمارات اليمنيين في الخارج ومنهم أعضاء تنظيم الإخوان إلى مستوى متقدم بين الدول كما في تركيا.