أراء وكتاب وتغريدات

نزول الوباء ليلة في السنة .. إعجاز الوحي النبوي

الوسطى اونلاين – خاص


ورد عن بعض علماء الأمة كالليث بن سعد رحمه الله قولهم عن الوباء الذي ينزل : ( فَالْأَعَاجِمُ عِنْدَنَا يَتَّقُونَ ذَلِكَ فِي كَانُونَ الْأَوَّلِ ) أي ديسمبر.

والحديث أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء والسقاء، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رضي الله عنهما – قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ : ( غَطُّوا الْإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ ) وَزَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: قَالَ اللَّيْثُ: فَالْأَعَاجِمُ عِنْدَنَا يَتَّقُونَ ذَلِكَ فِي كَانُونَ الْأَوَّلِ.

قوله: “فيها وَبَاء”؛ أي: هلاك، يعني: ينزل وباء في ليلة من ليالي السنة، ويقع في آنية مكشوفة الرأس، أو سِقاء مفتوح، فمن شَرِبَ من ذلك الطعام أو الشراب يَهْلَك، و (الوِكاء): ما يُشد به رأس السِّقاء.

قَالَ النَّوَوِيُّ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ لِلْأَمْرِ بِالتَّغْطِيَةِ فَوَائِدَ مِنْهَا الْفَائِدَتَانِ اللَّتَانِ وَرَدَتَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَهُمَا صِيَانَتُهُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَكْشِفُ غِطَاءً وَلَا يَحُلُّ سِقَاءً وَصِيَانَتُهُ مِنَ الْوَبَاءِ الَّذِي يَنْزِلُ فِي لَيْلَةٍ مِنَ السَّنَةِ، وَالْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ صِيَانَتُهُ مِنَ النَّجَاسَةِ وَالْمُقَذِّرَاتِ،

وَالرَّابِعَةُ صِيَانَتُهُ مِنَ الْحَشَرَاتِ وَالْهَوَامِّ فَرُبَّمَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْهَا فِيهِ فَشَرِبَهُ وَهُوَ غَافِلٌ أَوْ فِي اللَّيْلِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الأسئلة الثلاثية – الجزء الثاني – هذا السؤال :
سمعنا ان هناك داء ينزل مرة في السنة فيقع على الإناء الذي لم يتم تغطيته، فما صحة ذلك ؟

فقال الشيخ رحمه الله : نعم هذا صحيح ، هناك داء ينزل في يوم معين من السنة فيقع على الإناء الذي لم يتم تغطيته ، وهذه اليوم غير معلوم لذلك يحرص المسلم على تغطية الإناء دائما ).

قال ابن القيم : ( وهذا مما لا تناله علوم الأطباء ومعارفهم وقد عرفه من عرفه من عقلاء الناس بالتجربة ).

يقول لأستاذ الدكتور موسى شاهين لاشين في كتابه [ فتح المنعم شرح صحيح مسلم ] في المعنى العام للحديث : ( آية من آيات الله على أن الإسلام دين جاء لخير الإنسانية في الدنيا والآخرة، جاء لعمارة الأرض، وحماية الإنسان من الأضرار التي قد تصيبه من مخلوقات محيطة به،

جاء ليحفظ النفس، ويحذرها من أن تلقي بيدها إلى ما يؤذيها، جاء يرشد ابن آدم إلى ما ينفعه، ويحذره مما يضره، فليس الإسلام دين صلاة وصيام وحج وزكاة فحسب، بل هناك من الأعمال الدنيوية ما هو طاعة يثاب عليها،

فحماية النفس، وحماية البيئة، وحماية الأموال مطلب شرعي، ونفع مادي، وها هي الأوامر والإرشادات في هذه الأحاديث تؤكد أن الإسلام للدنيا والدين.

خمروا وغطوا أوانيكم بما فيها من طعام أو شراب، تحفظونها وتحفظون ما فيها من التراب والأذى والهوام الزاحفة والطائرة، واربطوا فم القربة التي تحفظ لكم الماء واللبن، لئلا يدخلها ما تكرهونه،

وتحقق ما خافه صلى الله عليه وسلم في حينه، إذ أصبح أحد الصحابة فوجد في قربته التي تركها دون أن يشد حبلاً على فمها، وجد ثعباناً بها،

إن تغطية الآنية وقاية وحماية حتى من الأوبئة والميكروبات التي تنتشر في الجو في كل حين دون أن نراها بأبصارنا، والخبراء يقولون: إن هناك في بعض مواسم العام يكثر انتشار الميكروبات المعيّنة في الجو،

فلا يوجد إناء مكشوف به طعام أو شراب في هذا الموقع إلا دخلته، ولوثت الطعام والشراب، وعرضت آكله أو شاربه إلى الأمراض، وقد سبق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الخبراء بأربعة عشر قرناً ).
 وقد [ ترجم له الإمام الألباني بقوله : ما لم يعرفه الطب الحديث].

ورد في كتاب ” الإعجاز العلمي في الإسلام والسنة النبوية ” لمحمد كامل عبد الصمد : ( لقد أثبت الطب الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الواضع الأول لقواعد حفظ الصحة بالاحتراز من عدوى الأوبئة والأمراض المعدية، 

فقد تبين أن الأمراض المعدية تسرى في مواسم معينة من السنة، بل إن بعضها يظهر كل عدد معين من السنوات، وحسب نظام دقيق لا يعرف تعليله حتى الآن،

من أمثلة ذلك : أن الحصبة وشلل الأطفال تكثر في سبتمبر وأكتوبر، والتيفود يكثر في الصيف أما الكوليرا فإنها تأخذ دورة كل سبع سنوات، والجدري كل ثلاث سنين،

وهذا يفسر لنا الإعجاز العلمي في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إن في السنة ليلة ينزل فيها وباء )) .. أي أوبئة موسمية ولها أوقات معينة،

كما أنه صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى أهم الطرق للوقاية من الأمراض في حديثه : (( اتقوا الذر ( هو الغبار ) فإن فيه النسمة ( أي الميكروبات ) )) ، فمن الحقائق العلمية التي لم تكن معروفة إلا بعد اكتشاف الميكروسكوب أن بعض الأمراض المعدية تنتقل بالرذاذ عن طريق الجو المحمل بالغبار والمشار إليه في الحديث بالذر .. وأن الميكروب يتعلق بذرات الغبار عندما تحملها الريح وتصل بذلك من المريض إلى السليم،

وهذه التسمية للميكروب بالنسمة هي أصح تسمية , فقد بين – الفيروز ابادي – في قاموسه أن النسمة تطلق على أصغر حيوان , ولا يخفى أن الميكروب متصف بالحركة والحياة .. أما تسمية الميكروب بالجرثوم فتسمية لا تنطبق على المسمى لأن جرثومة كل شيء أصله حتى ذرة الخشب وهذا من المعجزات الطبية التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

ويقول أبو لبابة بن الطاهر حسين في كتابه [ السنة النبوية وحي من الله محفوظة كالقرآن الكريم ] : ( تبيّن عند الباحثين أنّ الأمراض الخطرة والأوبئة تنتشر في مواسم معيّنة من السنة أو في عدد معيّن من السنوات، وحسب نظام دقيق لا يعرف تعليله حتى الآن، فالحصبة مثلاً وشلل الأطفال يكثران في سبتمبر وأكتوبر وحمّى المستنقعات [التيفويد-Typhoid] يكثر في الصيف أما الطاعون [ الكوليرا ] فإنّه يأخذ دورة كل 7 سنوات والجدري كل 3 سنوات.
ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنّ في السنة ليلة ينزل فيها وباء” إعجاز علميّ يكشف وجود أوبئة موسميّة في أوقات معيّنة لم تقف الكشوفات الطبّيّة على هذه الحقيقة إلا في عصور متأخّرة، فمن علَّم الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الحقائق العلميّة المعقّدة؟ إنّه الوحي ).


مختارات ومطالعات انتقاء :


✍?أحمد باحمادي..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى