مليشيا الحوثي تحول ميدان السبعين بصنعاء معرضاً لصور قتلاها
الوسطى اونلاين _ متابعات
حولت الميليشيات الحوثية أكبر ميادين صنعاء معرضاً مفتوحاً لصور الآلاف من قتلاها في سياق سعيها لتكريس ثقافة الموت والقتل في أوساط السكان، لا سيما صغار السن والموظفين الخاضعين لها، وسط اتهامات للجماعة بإنفاق مليارات الريالات على فعالياتها الطائفية رغم اتساع رقعة المجاعة في مناطق سيطرتها.
وشكا سكان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» من قيام الميليشيات منذ نحو أسبوع بإغلاق معظم الشوارع والطرقات المؤدية إلى ميدان السبعين في صنعاء، بمبرر إقامتها أضخم معرض لصور قتلاها في الجبهات ضمن احتفالها بفعاليات الأسبوع السنوي لقتلاها؛ الأمر الذي تسبب في وقوع زحام واختناقات مرورية كبيرة أثارت غضب اليمنيين.
وكانت الجماعة دشنت قبل نحو أسبوع معرضاً ضخماً مكوناً من 30 خيمة كبيرة لصور قتلاها في الجبهات في ساحة ميدان السبعين وسط العاصمة صنعاء، وحشدت أنصارها من مختلف المدن تحت سيطرتها من أجل تنفيذ زيارات ميدانية للمعرض المقابل لضريح رئيس مجلس حكمها الانقلابي السابق صالح الصماد.
وتجولت «الشرق الأوسط» في بعض خيام الميليشيات التي تحوي في أروقتها صوراً لعشرات الآلاف من صرعاها في الجبهات، جُلّهم من الأطفال صغار السن.
وأطلقت الجماعة على البعض من تلك الخيام مسميات عدة، منها: معرض قتلى المنطقتين العسكريتين الثالثة والسادسة، وقتلى الخدمات الطبية العسكرية، ومعرض للقتلى المقربين والمنتمين للسلالة الحوثية، ومعرض لقتلى التعبئة العامة والحشد، وصرعى دائرة التسليح العام، ومعرض قتلى الداخلية، وقتلى وحدات الشرطة العسكرية والتدخل السريع والأمن الوقائي الحوثي.
وبحسب معلومات تحصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن جُلّ القتلى الحوثيين المنتشرة صورهم في جميع أقسام المعرض هم من العناصر المؤدلجة، الذين زُجّ بهم منذ أعوام دون مؤهلات بمؤسسات مدنية وأمنية وعسكرية عدة من قِبل الجماعة بديلين عن موظفين أساسيين لم يكنوا الولاء والطاعة.
ووثقت «الشرق الأوسط»، صور نحو 686 قتيلاً حوثياً في خيمة واحدة من أصل 30 خيمة تم رصدها في ميدان السبعين بصنعاء، بعضهم من شريحة الأطفال صغار السن زجّت بهم الميليشيات في السابق قسراً بجبهات القتال، ثم عادوا إلى أسرهم صوراً وجثثاً هامدة.
وعلى الرغم من ضغوط الميليشيات الكبيرة ضد أتباعها وغيرهم من اليمنيين لإجبارهم على تنظيم زيارات جماعية لمعارض قتلاها، خصوصاً الواقعة بميدان السبعين، فإن تلك المساعي باءت جميعها بالفشل نتيجة ما شهده ذلك المعرض من إقبال وصف من قبل كثيرين بـ«الضعيف والباهت».
ولاحظت «الشرق الأوسط» أيضاً خلال تجولها في أروقة وأقسام المعرض عدداً لا بأس به من جرحى الميليشيات الزائرين للمعرض وهم في حالة يرثى لها، إضافة إلى صور للقيادي في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وهي تزاحم صور قتلى الجماعة في كل خيمة.
وفي سياق متصل، أبدى البعض من ذوي بعض القتلى الذين كانوا حاضرين في المعرض استياءهم الكبير حيال ما أقدمت عليه الميليشيات من عدم ضم صور من قتل من ذويهم في ذلك المعرض.
وقال البعض منهم «إن عملية الانتقاء والتمييز العنصري والطبقي والطائفي هو ديدن الجماعة وأسلوبها دائماً، سواء في الجبهات أو أثناء عمليات التشييع والدفن أو من خلال منح الامتيازات المالية والغذائية أو لحظة إقامة معارض لصور القتلى».
من جهتها، قدرت مصادر مقربة من دائرة حكم الجماعة بصنعاء، أن أعداد قتلى الميليشيات الذين نشرت صورهم في أكثر من 30 خيمة كبيرة بميدان السبعين يتجاوز عشرات الآلاف من مختلف الأعمار.
ولفتت المصادر إلى أن الميليشيات تعمدت عدم إدراج معرض الصور الخاص بالقتلى الحوثيين القادة ضمن ذلك المعرض، واكتفت بإقامة حفل افتتاح منفصل بإحدى الصالات المغلقة بصنعاء قبل يومين بحضور قيادات حوثية بارزة، في مقدمهم رئيس مجلس الانقلاب المدعو مهدي المشاط.
وأرجعت المصادر أسباب عدم إدراج الانقلابيين لصور قادتهم الصرعى ضمن المعرض المقام في الميدان ذاته بأنه يعود إلى العدد المهول للقتلى من القادة والمشرفين الميدانيين، أغلبهم من صعدة (المعقل الرئيس للجماعة) الذين لقوا حتفهم.
وبحسب المصادر، فإن هذه الحصيلة لقتلى الجماعة لم تكن سوى جزء بسيط من الإجمالي العام لعدد قتلاها في الجبهات.
جاء ذلك في وقت تواصل فيه الميليشيات ضمن احتفالها السنوي بالقتلى إقامة وتنظيم المئات من المعارض لصور القتلى بالجبهات في إطار الأحياء والحارات في مديريات العاصمة صنعاء وريفها وعلى مستوى القرى والعزل والمدن في المحافظات الخاضعة تحت سيطرتها.
وفي الوقت الذي لا يزال يعيش فيه الملايين من اليمنيين في مناطق سيطرة الانقلابيين أوضاعاً معيشية صعبة بفعل الانقلاب وآلة الحرب الحوثية، قدرت مصادر مطلعة في صنعاء إنفاق الميليشيات مليارات الريالات من قوت الجوعى في طباعة صور قتلاها وإقامة مئات المعارض والإنفاق على أتباعها من أجل إنجاح تلك الفعاليات. (الدولار يساوي 600 ريال).
ولم تكتفِ الجماعة الانقلابية بتنظيم المعارض، بل عمدت أيضاً إلى إغراق شوارع وحارات وأزقة العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى تحت سيطرتها بصور قتلاها وشعاراتها الطائفية للاحتفال بالمناسبة.