مخيمات النزوح في الحديدة اليمنية.. أوضاع مأساوية وخصوصية ضائعة
الوسطى اونلاين _ متابعات/العين
يواجه سكان المخيمات في جنوب محافظة الحديدة، غرب اليمن، ظروفا صعبة، مع انعدام الخدمات الأساسية، لاسيما الصحية والغذائية منها.
ففي مخيم الوعرة الواقع في مديرية الخوخة جنوب الحديدة، تواجه نساء المخيم الذي يأوي نحو 300 أسرة، صعوبة في الوصول إلى دورات المياه نظرا لعدم كفايتها، فضلا عن تعطل غالبيتها عن العمل. ويعيش في المخيم نحو 1500 شخص، جميعهم فروا من مناطق متفرقة في جنوب الحديدة.
وفضل النازحون اللجوء للعيش في المخيم، على البقاء تحت سيطرة مليشيات الحوثي، لكن وضع الأسر يتفاقم بشكل مستمر.
محيط من المعاناة
ويصف المصور الصحفي، أنور الشريف في حديثه لـ “العين الإخبارية” أوضاع النازحين بالمخيم، حيث يعيشون في محيط من المعاناة، إذ لا تتوفر أدنى المقومات الأساسية للحياة.
ويرى الشريف أن المأوى والسكن يبقى الأهم باعتباره يؤمن استمرارية العيش بشكل آمن، بعيدا عن مخاطر الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي.
ومع التغيرات المناخية، تصبح الحياة داخل المخيم أكثر قسوة وبؤسا لاسيما عند سقوط الأمطار، أو حينما ترتفع درجة الحرارة، حيث تتحول الخيمة إلى جحيم على أهلها، بحسب الشريف.
ونظرا لامتلاك كل أسرة خيمة واحدة، فإنها تتحول إلى مطبخ لإعداد الوجبات، وغرفة نوم، أما دورات المياه في المخيم، فهي عامة. وتشرح فاطمة، إحدى النازحات لـ “العين الإخبارية” وضعها داخل المخيم، قائلة: “أشعر بالخجل كلما قصدت دورات المياه على مرأى من معظم قاطني المخيم”، إذ لم يعد يخفى على أحد أن المرأة حين تخرج من خيمتها برفقة إبريق المياه، فهي تقصد “الحمامات” التي تفتقر لأدنى مقومات الصحة العامة.
انتهاك الخصوصية
“لقد قضت المخيمات على خصوصياتنا”، تضيف فاطمة، قائلة “المرأة اليمنية محافظة للغاية ولا تمتلك الجرأة كي تعيش حياتها أمام العامة بشكل طبيعي، ولذا نشعر بالحرج حين نتوجه إلى دورات المياه، أمام حشد من سكان المخيم، ولا يمكننا مقاومة الشعور بالخجل.
وترى فاطمة أن حياتها أصبحت عامة، يعرفها الجميع ويتابع تفاصيلها بدقة، فالخصوصيات لم تعد موجودة اليوم، فالمنزل لا يوفر الأمان فقط لسكانه، وإنما يحفظ خصوصيتهم، ويكتم أسرارهم، فلا أحد يعرف بحال الأسرة، أو الظروف التي تعاني منها، أو المشاكل التي تطرأ بشكل مفاجئ.
تعطل دورات المياه
رغم العدد القليل لدورات المياه قياسا بعدد سكان المخيم، إلا أن البعض منها تعطل نظرا لعدم وجود الصرف الصحي، ما أدى إلى امتلاء الحمامات بمياه المجاري.
وتقول نازحة أخرى اكتفت بذكر اسمها الأول “سعيدة” وعيناها مليئة بالدمع: “نحن نساء فأين نذهب كي نقضي حاجتنا، بعد أن تعطلت دورات المياه، الرجال يذهبون إلى الخلاء، لكن النساء لا يمكنهن القيام بذلك، والوقوف أمام دورات المياه في انتظار فرصة للدخول يضاعف الشعور بالحرج.
وتضيف: “حينما نزحنا عن بيوتنا كان ذلك بدافع الخوف، وعدم توفر الأمان في ظل وجود مليشيات الحوثي، ومع وصولنا إلى هنا، وإقامتنا في هذه المخيمات المنسية، أصبح همنا أكبر من توفر الأشياء البسيطة والأساسية، وهو كيفية الحصول على المياه، والاستحمام والنظافة”.
وتقول الشابة المنحدرة من مديرية مقبنة التابعة لمحافظة تعز، إن النساء في المخيم أجبرهن التردد على دورات المياه، على البقاء بكامل ملابسهن، بما في ذلك غطاء الرأس طوال الوقت.
وتختم حديثها أن النساء في المخيم يتحملن العبء الأكبر من الظروف الصعبة التي تحيط حياة النزوح والفقر، وسط ظروف لا تراعي خصوصيتهن، أو طبيعة حياتهن الاجتماعية.
مدارس فقيرة
توجد مجموعة من الخيم خصصت كفصول دراسية، في المخيم، لكنها بدون سبورت أو كرسي، إذ يضطر الأطفال إلى افتراش أرضية المخيم المتربة عند تلقي الحصص الدراسية القليلة.
ورغم أن تلك الخيم تعد بمثابة مدرسة مؤقتة، إلا أنها تعاني من نقص المعلمين، كما يفتقر الطلاب فيها للكتب والأثاث الضروري، والمواد القرطاسية من أجل تشغيل المدرسة بشكل أفضل.
وتضم المدرسة، نحو 300 طالب وطالبة، ولدى الطلاب شغف في التعليم، لكن الوضع الذي بدت عليه تلك المدرسة، يخلق أجواء من التذمر، قد تدفعهم للتسرب الدراسي.
انعدام الكهرباء
الطاقة الكهربائية غير متوفرة، والظلام المخيف الذي يلف باحات المخيم، يضيف أعباء أخرى إلى معاناة النازحين. ويخشى قاطنو المخيم من وقوع سرقات، أو حدوث اعتداءات، لا سيما وأن المخيمات لا يوجد فيها حراسات ليلية.
وتنعكس الظروف التي يعيشها للنازحين في مخيم الوعرة، على نحو 27 مخيما و74 موقعا وتجمعا للنازحين، بإجمالي يصل إلى 92102 ألف نازح.