أراء وكتاب وتغريدات

المليشيات الحوثية تستنسخ سيناريو الاتفاق الميت

الوسطى اونلاين – متابعات

تركت تجربة اتفاق السويد (الموقع عام 2018) تجربة مريرة في التعاطي الحوثي مع أي جهود تُبذل من أجل إحلال السلام ووقف إطلاق النار بحثا عن وضع لبنات التوصل إلى التسوية السياسية.


ففي الوقت الذي كانت تعول فيه الأمم المتحدة على مسار ذلك الاتفاق بأن يكون خطوة أولى في مسار الحل السياسي والتوصل إلى تسوية شاملة، استغلت المليشيات الحوثية الأمر ليكون وسيلة لإعادة انتشارها عسكريًّا وميدانيًّا بما أفسح المجال أمام إطالة أمد الحرب وتكثيف أعمالها العدائية.


هذا السيناريو المقيت الذي تسبّب بشكل مباشر في إطالة أمد الحرب ومن ثم تعقيد الأوضاع الإنسانية بشكل ربما يكون غير مسبوق، تفوح رائحة تكراره في الوقت الحالي، ففي الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة عن هدنة إنسانية انطلقت مطلع شهر رمضان الحالي، أقدمت المليشيات الحوثية على التصعيد والتحشيد عبر سلسلة لا تتوقف من الخروقات.


وارتكبت المليشيات الحوثية ما يزيد عن 300 خرق وانتهاك على أقل تقدير، للهدنة الأممية، في سيناريو مشابه تمامًا لمسار اتفاق السويد الذي بات يوصف بأنه “في حكم الميت”، إذ ارتكبت المليشيات أيضًا أكثر من 20 ألف خرق لهذا المسار.


وتتنوع الخروقات الحوثية بين هجمات إرهابية تُستخدم فيها كل أنواع الأسلحة، مصحوبة بالعمل على تكثيف التحشيد العسكري عبر زج المزيد من المسلحين بما في ذلك المُجنَّدون قسرًا صوب الجبهات التي تحرقها المليشيات بوتيرة إرهابها المتصاعد.


إقدام المليشيات الحوثية على هذه الممارسات التصعيدية يعني أنّ الهدنة الأممية تبقى في خطر شديد، وأن عملية انهيارها التام أصبحت أقرب من أي وقت مضى، فقراءة المشهد العسكري الراهن تشير إلى أنه لا يمكن السماح للمليشيات الحوثية باستنساخ تجربة الماضي التي مكّنتها من إطالة أمد الحرب حتى الوقت الراهن.


وبحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإنّ الهدنة المتزعزعة قد توفّر جوًا مناسبًا لجهود التسوية السياسية التي تجريها الأمم المتحدة حال الالتزام بوقف إطلاق النار، ومن ثم فإنّ إصرار المليشيات على التصعيد العسكري إلى جانب تحشيد المزيد من العناصر الإرهابية صوب الجبهات ينذر بمرحلة خطيرة من عمر الحرب التي خلّفت أقسى أزمة إنسانية على مستوى العالم.


وكان الملاحظ أن الأمم المتحدة حاولت في بداية أيام الهدنة أن تتجاهل الأمر نوعا ما، باعتبار – من منظورها – أن التقليل من جدوى التصعيد قد يدفع الحوثيين للتراجع، بيد أنّ الأمم المتحدة نفسها بدأت ينتابها الشك من إمكانية صمود الهدنة أمام الاستفزازات الحوثية المتواصلة.


عسكريًّا، لا يبدو أن المليشيات الحوثية قد تنخرط في مسار تسوية سياسية تتضمن وقفا شاملا لإطلاق النار من دون السيطرة على محافظة مأرب، وهي جبهة منحتها المليشيات أولوية كبيرة وسعت للسيطرة عليها منذ فترة طويلة.


على الأرجح، ليس من المتوقع أن تنخرط المليشيات في المسار السياسي من دون توجيه ضربة عسكرية كبيرة قد تكون السيطرة على مأرب وذلك لكسب إطار تفاوضي قوي على طاولة مناقشات الحل السياسي، وهو ما يفسر الإصرار الحوثي على مواصلة التحشيد في أكثر من جبهة، وأكثرها زخمًا هي مأرب.


هذا السيناريو يشبه تمامًا ما حدث في 2018، إذ كانت المعركة تشير إلى انهيار وشيك للمليشيات الحوثية في جبهة الحديدة، إلا أنّ نظام عبد ربه منصور هادي هرول بشكل غير مبرر نحو التفاوض مع المليشيات، فأسفر الأمر عن التوصل لاتفاق السويد الذي استغلته المليشيات لتحقيق مصالحها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى