تقريد ميداني يرصد الكارثة.. الضالع ومأساة الفلورايد: شرب السم ليس خياراً
الوسطى اونلاين _ متابعات
كشف تقرير ميداني لمركز سوث24 للأخبار والدراسات، الأحد، عن كارثة صحية وخيمة تهدد أجيال السكان بأرياف محافظة الضالع نتيجة المياه الجوفية الملوثة بنسب عالية بالفلورايد، التي يستخدمها الأهالي للشرب.
وتضمن التقرير، الذي أعده الصحفي بالمركز رعد الريمي، صور أطفال صغار يعانون من إعاقات جسمية وتقوس الأطراف وتشوهات الأسنان نتيجة ارتفاع نسبة الفلورايد في المياه المستخرجة من مسافات عميقة في الأرض.
كما تضمن التقرير ردود مسؤولين محليين في المحافظة حول المشكلة، ومنهم مدير مكتب الصحة بالمحافظة الذي قال إنه لم يتلق بلاغات حول التلوث حتى الآن نظرا لفترة تعيينه الحديثة التي لا تتجاوز نصف عام.
وقال وكيل عام هيئة البيئة بالضالع، عبد السلام الجعبي، لمركز “سوث24”: “مشكلة ارتفاع مادة الفلورايد في مياه الآبار في محافظة الضالع لم تكن موجودة من قبل لكنَّها تصاعدت مع كل تعميق يقوم به المواطنون للآبار”.
وأضاف: “مرَّت الآبار بمراحل حفر إذ كانت تحفر بعمق 150 متراً من عام 1990 وحتى عام 1997؛ ومن ثم أخذ المواطنون بتعميق تلك الآبار وازدادت عمقا من 300 متراً إلى 400 متراً بين عامي 1997 – 2000”.
وطبقا للمسؤول، “وصل عمق الآبار إلى أكثر من 600 متراً على مدى الأعوام اللاحقة حتى تضاعف ذلك مؤخراً ليصل إلى 900 متراً ثم 1100 متراً في بعض الآبار حيث تتركز نسب الفلورايد في المياه بشكل عالي وكثيف”.
ووفقاً لتقرير صادر عن وزارة المياه والبيئة في سبتمبر 2021، تحصَّل عليه مركز سوث24، كشفت فحوصات مخبرية عن وصول نسبة الفلورايد في مياه الشرب المستخدمة في مرفد وقرى الضالع الأخرى إلى 11.2.
وتعتبر هذه النسبة عالية جداً مقارنة بالنسبة الصحية التي حدَّدتها منظمة الصحة العالمية للفلورايد في مياه الشرب التي تبلغ 1.5 لتقوم هذه المادة بدورها النافع كقيمة حيوية لجسم الإنسان تتفاعل بشكل ثنائي مع عنصر الكالسيوم في جسمه.
كما حصل مركز “سوث24” على نتائج فحص لعينات مياه من قرية مرفد، قال مواطنون إنَّها تمت بجهود مجتمعية خالصة في مختبرات بمدينة صنعاء، أظهرت نسب عالية من الفلورايد وصلت إلى 8.6 في النتيجة المخبرية.
وعن الآثار الصحية الخطيرة للمياه الملوثة بنسب الفلورايد العالية، أوضح أخصائي أمراض العظام والأعصاب والعمود الفقري الدكتور مجاهد الحصيني أنَّ المخاطر “قد تصل للإصابة بالشلل الرباعي لمن هم دون الخمسين”.
وأضاف الأخصائي الذي يملك مركزا لجراحات العظام المتقدمة في عدن لمركز “سوث24”: “عشرات الحالات تأتينا باستمرار من قرى وأرياف الضالع. لقد تحولت هذه المشكلة لظاهرة صحية خطيرة تسبَّب تقزم الأطفال واعوجاج أطرافهم وتشوهات في أسنانهم”.
وأردف: “يؤدَّي ترسب الفلورايد في أجسام المواطنين بدلا عن الكالسيوم إلى تكلسات غير طبيعية، وليونة في العظام أدت إلى اعوجاج كثير من الأطراف (الأقدام والأرجل) وتساقط الأسنان، وتشوهات في الفك”.
ووفقاً للأهالي الذين التقاهم “سوث24″، فإنَّ أفواج كثيرة من المنظمات زارت قرية مرفد وغيرها من القرى للوقوف على المأساة الصحية هناك، لكن الكثير لم يقدم أو يتغير؛ كما لم توضع أي حلول أو معالجات، بحسب المواطنين.
وفي تصريح لـ “سوث24″، نفى غازي سيف مدير عام مياه الريف بالضالع أن يكون هناك “معالجات فعلية وعملية لواقع المياه في قرى الضالع التي تعاني من ارتفاع نسبة الفلورايد”.
وأضاف المسؤول المحلي: “المشكلة برمتها رفعت إلى جميع الجهات الحكومية والجهات المانحة والمنظمات الدولية ووزارة المياه. لقد تمت مناقشتها في عدة محافل محلية لكن لم يتم التوصل لحلول أو طرق لفصل الفلورايد عن المياه”.
واستغرب التقرير في ختامه كون محافظة الضالع على الرغم من حضورها السياسي والعسكري الممتد الجذور، يبدو أنهت تتمتع بالقدر ذاته من الاهتمام المفترض حيث يعيش كثير من سكانها حياة صعبة تماما مثل أهالي مرفد وقريناتها من القرى التي تتجرع السم من باطن الأرض.