أراء وكتاب وتغريدات

مقال لـ خالد لحمدي .. هُـنا عـدن

#الوسطى_اونلاين – خاص

أولم تقل في خطابك يوماً :
سأعيدكم إلى عدن وأسلّم الراية للشباب.؟
أولم تعلم إلى اللحظة ماحدث ، أم لم يعد الأمر يعنيكَ شيئاً .؟
كان هديل الحمام المنبعث من شجرة السدر المجاورة لمنزلي لا ينقطع البتّة ، وكانت تأكل الأغنام العشب والكلا وتعود عند الظهر دون راع يصطحبها في الحقول .
وكان كلبنا الأمين ينام نهاراً ويصحو ليلاً وقد ألِف الوجوه واعتاده الأهالي والبيوت المجاورة .
وكانت جدّتي لا تنام حتّى تشاهد وتسمع كرامه مرسال وهو يُغنّي عبر التلفاز الذي يبث برامجه التي تجيئنا من عدن في الثمانينيات .

أحيان تتعذّر
وتخلق مشكله
وتكون قاصد
ما تحكّمه عقلك
ولكنّك تفكّر
في التباعد
مدّك وجزرك
قد يجيء
في آن واحد
البحر يتقايس
وإنته
ما عرفنا
لك قياس

كنت أسرق حينها بعض الوقت منشدّاً لأصوات فيصل باعبّاد وعوض باحكيم وجميل مهدي وزينب عبدالرحمن وأمل بلجون ومحمد شيخ وفوزيه باسودان وعبدالرحمن الحداد وجهاد لطفي وصلاح بن جوهر و ناصر عبدالحبيب وآخرين ، وثمّة صوت لم يغادرني حتّى اللحظة ينبعث بثقة وكبرياء :
– هُـنا عـدن .
تلك الحياة الراعشة بالدفء والتقدّم ، بالعزيمة والنضج والرخاء .
أيدلوجيا أضاعت رؤوساً وزرعت عقولاً أزاحت الصخر وزحفت نحو المجد طلائعاً تصغي وتجادل ، تفهم وتناقش ، وتسطّر الأمنيات والمعنى كنوزاً من نور وجبالاً من ذهب .
في الحقل والمصنع ومقاعد الدرس ، والوديان والسهول ، في الأزقة والشوارع ، في الجبال والفيافي المقفرة ، لا ترضى سوى السمو صديقاً ، وتتشرّب الرفعة والكبرياء .
خطت نحو الشمس قوافلُ شامخة ، بجباه سمر ورأيات غضب .
أوتدرك ذلك الزمن الذي أضعته بثمن بخس وأحرف باردة .؟
سأعيدكم إلى عدن .!
أو حقاً ماقلت أم غيبوبة حلم لم تعِ مفرداتها الهاربة .؟
هُنا عدن .!
عدن وخمس محافظات سامقة ، تركتها للزيف والنبوءات الكاذبة .
اندفاعة آثمة ذات يوم نحس وصبح مخيف .
أو لم تدرك خديعة المقامر أم كمن ينوي الخلاص من شيء يخيفه ويكاد يخنقه .؟
أولم تعلم بعد .؟
لقد غادرت حمائمي أشجارها ولم يبقَ في الأرض زرع والتهم الجدب الإخضرار والنماء ، ونفقت أغنامي وإبلي ومات كلبي جوعاً وحسرة .
سأعيدكم إلى عدن .!
قلمٌ لم يفقه لخنجر انسلّ من الخلف ، متلذّذا بعذابات وطن يوشك على الانتهاء .
لماذا لم تأتِ بالوطن معك ، لقد شربنا الصبر ولا نزال ننتظر .
هل تشعر بصوت الجوعى والمعدمين ، فلتأتِ إذاً ، وإنّنا لِما قلت لانزال في انتظار .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى