أراء وكتاب وتغريدات

أسد الجنوب واشد قادته بأساً وصلابة

بقلم/ المقدم محمد النقيب

كثيرٌ من ابناء شعبنا عرفوا القائد البطل – أسد الجنوب – اللواء صالح السيد من خلال عويل ونواح اعداء الجنوب عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي ، عرفوه بحضوره وتواجده الدائم في المهام والجبهات والمعارك المصيرية و الخطيرة والصعبة ، حيث يحتاجه الجنوب وقيادته أن يكون ادات للحسم والإنتصار .

نحن إذاً ، أمام بطل من كبار رجال الثورة الجنوبية وكفاحها المسلح، من ساعتها وطلقتها الأولى ، وواحداً من عقولها الجسورة ومؤسسيها الأوائل، الذي أمضى حياته فيها، ثائراً ومقاتلاً فدائياً باسلاً في الميدان، وقائداً في الساحات والجبهات حتى فاضت روحه الى بارئها، في فجر  الخامس عشر من شهر رمضان الموافق السادس من إبريل 2023 ، يوم فجع الجنوب ارضاً وانساناً برحيل ضرغامه واحد اعظم قادته الشجان ، هو صالح  احمد محمد السيد ، الإسم الأكثر مهابة ورعباً في صدور اعداء الجنوب ، من مواليد عام 1974 م بيافع مديرية الحد منطقة الحيد قرية الهضبة ، وهو أب لثمانية اولاد .

كان لتاريخ مولده ولبيئة الطفولة والحياة المدرسية والجندية معاً،  اثراً في صقل شخصيته الفذة  وعوامل عدة تضافرت في فتوته ليُقبِل الى ساحات  النضال الوطني الجنوبي كضرغام مهيب .

إلتحق فقيد الجنوب اللواء صالح السيد، في السلك العسكري عام 1988 م بمعسكر العند بالشرطة العسكرية، وبرزت فيه مبكراً مزايا وصفات الحنكة والبطولة لينتقل الى اللواء الخامس مظلات، ومع كل محطة من محطات مسيرته العسكرية والمهام التي شارك في تنفيذها اثبت انه قائد متكامل في بسالته ووعيه واخلاقه وصلابته .

في قلب المجابهة المبكرة لمؤامرات الغدر بالجنوب وتحديداً عام 1992 م ، كان الفقيد والقائد البطل  صالح السيد حاضرا كمرافق للرئيس علي سالم البيض ، يراقب ما يدور بحدس وذكاء حاد ويعد نفسه كثائر فدائي، وعند إجتياح الجنوب واحتلاله صيف 1994م كان من جملة القادة الجنوبيين الذين اعتقلهم نظام الاحتلال بصنعاء قبل البدء بالحرب الجهادية التكفيرية على الجنوب وإحتلاله.

مرَّ الفقيد صالح السيد في كل الاطوار والمراحل التي عبرت منها الثورة الجنوبية وكفاحها المسلح ، وضمن الرعيل الطليعي الأول ، الذين اصبحوا – وهو منهم – من خيرة قادتها في ميادينها السلمية والعسكرية ، معهم قضى سنوات التشريد والملاحقات من قبل نظام الاحتلال ، وفي  عام 2000 غادر  الى المملكة العربية السعودية ، لم يغادره الجنوب قضية ونضالاً وموقفاً ومبدأ والتزام .

ساهم من موطن الإغتراب والمهجر في تنظيم مصادر دعم للحراك  الجنوبي السلمي التحرري، إذ كان من ضمن مؤسسي مجموعة الثلاثة والثلاثين الجنوبية، وهي المجموعة التي سجلت في نشاطها احد اهم مصادر وروافد الدعم المادي للحراك الجنوبي، لم تمض سوى سنوات قليلة حتى عاد به عنفوانه الثوري الى الجنوب وميادينه الفدائية ، ليشارك مع رفاق السلاح في الثاني من مايو 2011م ، اول عملية تحرير شهدها الجنوب ، كان ذلك في ملحمة تحرير معسكر جبل العر بيافع من قوات الاحتلال، ومن ثم إحكام السيطرة  على معسكرات الاحتلال اليمني بردفان .

اقبل الأشقاء في دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، بنجدتهم وسلاحهم ومددهم ، وجرت معارك اسطورية وسالت دماء غزيرة منا ومنهم لا سيما الاشقاء الإماراتيين الذين شاركونا القتال في الخطوط الامامية وتقاسمنا معهم على الارض التضحيات وشرف إجتراح الإنتصارات ، ووسط هذا كله بين شواض النار وغبار القصف ، كان الفقيد والقائد البطل صالح السيد الاسد الكرار .

عقب تحرير العاصمة عدن من المليشيات الحوثية وبدعم واسناد من دول التحالف العربي وبمشاركة ميدانية من القوات الإماراتية في السابع والعشرين من رمضان 2015 م ، كان صالح السيد ضمن المحتفلين بذات النصر في معركة تحرير مدن ومناطق محافظة لحج ، من العند العنيد الموطن الاول لكبريائه العسكري الفدائي ، واصل ضمن ابطال المقاومة الجنوبية وقادتها الميدانيين دحر وطرد قوات ومليشيات الاحتلال الحوثية العفاشية الى خارج الحدود الجنوبية بجبهة كرش ومنها الى باب المندب.

مليشيات وقوات الاحتلال اليمني ورغم إنهزامها وإندحارها ، الإ انها ابقت ما ينوبها في تنغيص افراح الإنتصار ، وذلك من خلال عناصر وخلايا الإرهاب الذي صدرته الى الجنوب، لتخوض المقاومة الجنوبية حينها معركة وحرب لم تألفها من قبل .. إنها معركة الحرب على الارهاب التي كان  اللواء صالح السيد احد ابرز قادتها الابطال.

كانت العناصر الارهابية حينذاك ، تسيطر على عاصمة لحج وتُصدر ادواتها الإرهابية الى العاصمة عدن ، وبإمكانيات بسيطة خاضت قواتنا الامنية بقيادة البطل صالح السيد معارك شرسة وضارية واسفرت عن طرد العناصر الارهابية ، وعاد الامن والامان لحاضرة محافظة لحج وعادت السلطات المحلية لمزاولة عملها من داخل المدينة ومن مقراتها الرئيسية ، كان المحب الودود للناس والقائدُ المقاتلُ العنيد الذي لا ولم تنكسر له راية في اي ساحة من ساحات المواجهة مع اعداء الجنوب ، وفي سبتمبر 2016 عين مديراً لأمن محافظة لحج.

إستمر القائد صالح السيد في تنفيذ المهام والتوجيهات في ملاحقة فلول العناصر الإرهابية ودك اوكارها وتفكيك شبكاتها في لحج وعدن وصولاً الى ابين ، وفي انجازاته الفارقة الحاسمة ، بث الرعب في قلوب اعداء الجنوب الذين إستعصى عليهم النيل منه بالحملات الإعلامية المحرضة عليه وبالمفخخات والعبوات الناسفة .

عين القائد المغوار صالح السيد ، قائداً لقوات الدعم والاسناد بقرار من الرئيس القائد عيدروس الزبيدي ، ثم رئيس اركان القوات البرية الجنوبية ، وخاض ، كل معارك الجنوب الكبيرة على مختلف الجبهات، ضد مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية و مافيات وعصابات وخلايا الجريمة المنظمة،وشبكات التهريب والتخريب واجهض بشكل مبكر الكثير من الجرائم والأعمال الإرهابية قبل حدوثها، ذاع صيته في كل الجنوب واصبح إسمه قرينَ الانتصارات الميدانية ، ونال مكانة  نضالية وعسكرية مرموقة لدى القيادة العليا والرمزية الوطنية  عند عامة الشعب وزملائه من منتسبي القوات المسلحة الجنوبية .

وفي المجمل ، إن تاريخ النضالي لفقيد الوطن القائد البطل و المقاتل العنيد اللواء صالح السيد ، وما سطره  من بطولات وانتصارات تكشف لنا حقيقة الخسارة الجسيمة التي مني بها الشعب الجنوبي وقواته المسلحة في رحيله ، لكن عزاؤنا شعباً ووطن هو في الإرث التاريخي الوطني والعسكري الذي تركه ، كمدرسة ينهل منها اجيال شعبنا وفي طليعتهم اجيال قواتنا المسلحة الجنوبية معاني الشجاعة والاقدام والحنكة والإخلاص والتفاني والفداء .. رحمه الله واسكنه فسيح جناته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى