مقال لـ محمد عمر بالحمان .. وادي حجر ثروة ضائعة
تبدو الحاجة اليوم أشد إلحاحا أكثر من أي وقت مضى، لإنشاء عدد من السدود المائية في وادي حجر غربي عاصمة محافظة حضرموت مدينة المكلا، واستثمار عشرات العيون الجارية العذبة وسيول الأمطار التي تذهب هدرا منذ الأزل، وتصب مع بالغ الأسف والخسارة في البحر العربي دون أي استفادة منها، في حين تمر حضرموت حالياً بأزمة مياه حادة هي الأسوأ على الإطلاق، أجبرت المواطنين على تكبد مبالغ مالية طائلة للحصول على لترات من المياه، خصوصا في المدن الساحلية التي تعاني شحا غير مسبوق في المخزون الجوفي، بالتزامن مع تضخم الكثافة السكانية.
“كالعِيسِ في البيداءِ يقتُلُها الظَّمَا
والماءُ فوق ظهورِها محمولُ”
نموذج حي وصارخ يقدمه هذا البيت الشعري في وصف الجمل الذي يحمل الماء وسط الصحراء، بيد أنه يموت عطشا، ويجسد التعريف الصالح والمناسب لحال كثير من مدن ساحل حضرموت، وهي تواجه اليوم مصاعب شاقة في توفير مياه الشرب ويتهددها الموت عطشا، بينما تزخر وديانها بموارد ومقدرات مائية هائلة، لا يحول دون وصولها لمنازل جميع المواطنين سوى كسل السلطات المتعاقبة وضيق رؤيتها.
تعتمد العاصمة المكلا ومدن مجاورة على مجموعة حقول معظمها في مدينة غيل باوزير، غير أن منسوب المياه فيها ينحسر بنسبة كبيرة من يوم لآخر، فيما يتوقع أن تجف كليا في قادم الأيام مع الاستهلاك المتزايد.
إن حالة العطش وفقدان الماء الصالح للشرب وانقطاعه المتكرر في جل مناطق المحافظة، يستوجب توجها حكوميا جادا لبناء سدود مائية كبيرة، وتسخير تلك الينابيع الطبيعية والسيول الكبيرة في وادي حجر، سيكون كفيلا بإنهاء أزمة المياه لقرون قادمة، إلى جانب إمكانية توظيف السدود في تزويد المحافظة بخدمة الكهرباء عبر الطاقة الكهرومائية، والقضاء في آن واحد على أكثر مشكلتين معقدتين تؤرق الناس.