أراء وكتاب وتغريدات

مقال لـ فائز الصيعري .. ساحل حضرموت ومهزله الباخمري الافريقي

يبدو أن التآكل الذاتي بدأ يصيب مجتمعنا الحضرمي في هويته الحضرمية ، ولم يعد هناك من مجال للاستمرار في الاختباء خلف ماض عظيم لم نصنعه ، لتبرير حالة الضعف التي نعيشها اليوم ، حتى وصلنا إلى الاحتفاء بيوم الباخمري الحضرمي ، وهو ليس كذلك ، فتلك الأكلة دخيلة علينا من سواحل افريقيا ، وتسمى عندهم “منتازي” .!

وبما أن حضارات الأمم تقاس بالميراث الإنساني ، من علوم إنسانية ونفسية وآداب وتاريخ …
أليس حري بنا أن نحتفي يوما ، بالأديب الأريب الحضرمي علي أحمد باكثير ، صاحب الملحمة الشعرية عمر بن الخطاب ، والروايات التاريخية وا إسلاماه ، والثائر الأحمر ، وحرب البسوس ، و أوزيريس ، وعنترة بن شداد ، وروايته عاشق من حضرموت ، وشعب الله المختار ملهاة في أربعة فصول ، وغيرها الكثير والذي لايعرف شبابنا من إنتاجه الفكري والأدبي إلا اللمم .!

وأين نحن من سيرة القضاة الحضارم الذين تقلدوا قضاء مصر والأندلس وبلاد الهند حتى قال فيهم الشاعر :
لقد ولي القضاء بكل أرض ** من الغرّ الحَضَارِمة الكرام
رجالٌ ليس مثلهمُ رجال من الصيد الجَحَاجِحَة الضخام .
بينما لانعرف عن أسماءهم ولا عددهم شيئا ، ولايوجد هناك معلم في حضرموت سمي باسم واحد منهم .!

وهل يعرف شبابنا من هو القاضي والفقيه عبدالله بن عمر بامخرمة السيباني ، الملقب بالشافعي الصغير ، والذي كان أهل الحجاز يمتنعون عن الفتيا مادام مقيما فيهم ، وذلك لغزير علمه ووفير حلمه ولطيف محاورته .

وهل سمعتم بصاحب مرباع حضرموت وملك كندة وسيدها ، الأشعث بن قيس من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وكان قبل ذلك ملكاً على جميع كندة ، وهو الذي مدحه الأعشى ، – أعشى بني قيس بن ثعلبة – بقصائده الأربع الطوال التي أولاهن “لعمرك ما طول هذا الزمن” ، والثانية “رحلت سمية غدوة أجمالها” ، والثالثة “أأزمعت من آل ليلى ابتكارا” ، والرابعة “أتهجر غانية أم تلم” ، كيف لا وهو الذي كان له يوم صفين كلمة وموقفا عظيما ، تكلل بالصلح بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ، حقن به دماء المسلمين .

ثم أليس ألذ من تذوق الباخمري قول امرئ القيس الكندي : وَما ذَرَفَت عَيناكِ إِلّا لِتَضرِبي .. بِسَهمَيكِ في أَعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ .؟
أو قوله : ألم ترياني كلما جئتُ طارقاً .. وجدتُ بها طيبًا وإن لم تَطيَّبِ .
فمن منا يحفظ شيئا من أشعاره ، أو احتفى ببعض آثاره .؟

فهل ماذكر سابقا جدير بالاعتناء والاقتفاء والاحتفاء وهو ليس إلا غيض من فيض .؟

أم سنجد أنفسنا يوما وقد أطلق علينا تندرا بشعب الباخمري ، بسبب الصورة النمطية التي نبعثها من حين لآخر دون وعي منا ، بمثل هذه المهرجانات ، أو كأن يظهر أحد سياسيينا ، وهو يحمل “حبة” باخمري ، وكأنما يحمل بيده كتابا نفسيا أو سيفا شطيرا .!

ولقد هجا الصحابي كعب بن مالك قريشا فقال : زعمَتْ سخينة أن سَتَغْلِبُ ربَّها .. وليُغلبَنَّ مُــغالــبِ الغــلَّابِ
والسخينة لقب لقريش ، لأنها كانت تعاب بأكل السخينة ، وهي طعام يتخذ من الدقيق لايأكل إلا في شدة الدهر وغلاء السعر .

ثم نتساءل لماذا نقبع في ذيل المجتمعات المتخلفة ، ويتسلط علينا الأراذل ، بينما لو انقرضنا لما شعر العالم بنا ولاتأثر ، لأننا ببساطة لم نعد نضيف شيئا الى أنفسنا ، ولا إلى حضارات الأمم يبعث على الفخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى