إضراب المعلمين.. الأزمة التي لا تحتمل التأجيل
كتب/ محمد علي رشيد النعماني
إضراب المعلمين في العاصمة عدن وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية تمثل أزمة عميقة في قطاع التعليم وتتطلب حلولاً عاجلة فالمعلم يعاني من وضع معيشي كارثي نتيجة تأخر صرف الرواتب وتدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية بشكل حاد حيث لم يعد راتبه الشهري يكفي لتلبية أبسط احتياجاته الأساسية بعدما انخفضت قيمته من 200 دولار إلى ما يعادل 25 دولاراً فقط ومع ذلك لا تزال الحكومة عاجزة عن توفير الرواتب المتأخرة لشهري نوفمبر وديسمبر مما زاد من حالة الغضب في أوساط المعلمين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة في ظل تجاهل مستمر من الجهات المعنية.
إن الوضع الحالي لا يقتصر على أزمة رواتب فحسب بل يتجلى في غياب العدالة بين المحافظات حيث يحصل بعض المعلمين على بدل غلاء معيشة بينما يترك زملاؤهم في بقية المناطق لمواجهة مصيرهم بأنفسهم هذا التمييز غير المبرر من قبل حكومة الشرعية يعمق الشعور بالظلم ويفتح الباب لمزيد من الاحتقان الاجتماعي ويهدد بتفكك النسيج التعليمي وإضافة إلى ذلك فإن استمرار الإضرابات أدى إلى إغلاق المدارس الحكومية بشكل كامل مما عطل العملية التعليمية وترك الطلاب دون تعليم في وقت هم بأمسّ الحاجة إلى استمرارية التعليم لبناء مستقبلهم ومواجهة تداعيات الحرب .
الأزمة التعليمية في اليمن ليست وليدة اللحظة بل تعكس سنوات طويلة من الإهمال والتدهور خاصة في ظل سيطرة الحوثيين الذين يواصلون منذ ثمانية أعوام قطع رواتب الموظفين بمن فيهم المعلمون بالإضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم مثل الإختطاف والتعذيب وهو ما يكشف عن إستهداف واضح للقضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع . ومع ذلك فإن الحكومة الشرعية تتحمل المسؤولية عن المناطق التي تقع تحت سيطرتها وعليها أن تقدم حلولاً جذرية بعيداً عن الوعود غير المجدية .
الحلول تبدأ بصرف الرواتب المتأخرة فوراً وضمان انتظام صرفها شهرياً وإعادة النظر في هيكل الأجور لتتناسب مع الأوضاع المعيشية المتدهورة ويجب أن تترافق هذه الخطوات مع تقديم دعم إضافي للمعلمين مثل المساعدات الغذائية أو النقدية لتخفيف العبء عنهم بشكل مؤقت كما أن الحوار مع النقابات التعليمية يمثل أولوية لضمان التفاهم وتحقيق مطالب المعلمين بعيداً عن التصعيد الذي يعطل العملية التعليمية ويؤثر سلباً على مستقبل الطلاب ومن الضروري أيضاً أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته من خلال تقديم الدعم المالي للحكومة الشرعية لتحسين أوضاع التعليم والمعلمين في المناطق الخاضعة لها .
إن التعليم في المناطق المحررة يعاني من أزمة وجودية تتطلب إرادة سياسية حقيقية لحلها فالمعلم هو حجر الزاوية في بناء المجتمع ومستقبل الأجيال القادمة لا يمكن لأي بلد أن ينهض من أزماته دون تعليم قوي ومستدام ولا يمكن أن يتحقق ذلك دون ضمان حقوق المعلمين وتحسين أوضاعهم المعيشية بشكل جذري ومستدام والأزمة الحالية فرصة للحكومة الشرعية لإثبات جديتها في معالجة قضايا الشعب وإعادة بناء قطاع التعليم كركيزة أساسية للتنمية والاستقرار .