النخب الإعلامية ومسؤولية الكلمة مقال/سيف الحالمي
الوسطى اونلاين – خاص
للحرب كلمات ما إن تُلفظ إلا ويُسمع مع لفظها ضرب مدفع أو أزيز رصاص أو صراخ جرحى أو تكبيرات انتصار أو كل تلك الأشياء مجتمعة، فكلمات الحرب لها وقع القوة والضعف والمعنوية والصدمة والحسم، للحرب لغة وللسلم لغة أخرى.
لذلك لم تمر أي حرب على البشرية إلا وأختارت كلماتها بعناية؛ أكان بتزوير الحقائق والكذب أو الدعاية الحربية والتثبيط “الحرب النفسية” ضد الخصم، والحديث هنا عن انتقاء كلمات الحرب ليس احتفاءً بها فحسب؛ بل لأنها تعالج جبهتنا الداخلية وترفع الروح المعنوية، وتُبقي الروح متيقظة من دسائس الكلمات الانهزامية التي يصنعها العدو وأعوانه وخلاياه الفيسبوكية وذبابه الإلكتروني والحريصين جداً جداً، ورابطة نحنا قد تكلمنا وحذرنا ونشرنا، وما أحد رد علينا، وبعض “المهافيف”، والتي تتغلغل في النفس فتميل بالشعور ومن ثم تميل بالجسد إلى الإنهزام المعنوي والرُكون والدّعة والتسليم الأخير.
إن النُخب الإعلامية والصحفية والسياسية والمثقفين وكل جنوبي حر ضد ميليشيات الإرهاب بمختلف مسمياتها؛ يجب أن يأخذوا بعين انتقاء كلماتهم، من منطلق أننا في حالة حرب وفي أعناقنا أمانة الدخول لعقول الشعب والمقاتلين والمقاومين، كما يجب أن نوّاد كل شائعه أن تمزق نسيجنا الاجتماعي الجنوبي فلا نخذلهم ونخذل لغتنا باختيار كلمات لا ترفع الهمم ولا تشُد العزم ولا تُرهب العدو ولا تخدم القضية الجنوبية.
فالحروب لا تحسم فقط بالمعارك الصاخبة، ولو كان ذلك لما وضعت الجيوش مبدأ الدعاية أو العمليات النفسية ضمن مبادئ الحرب عندها، ومبدأ الحرب هذا حتى يكون فعالاً يجب اختيار وانتقاء الكلمات المناسبة له وأيضاً محاربة الكلمات التي تُؤثر سلباً على قضية شعبنا المُقاوم.
إن عماد الحرب هو الروح المعنوية، أي معنويات المواطنين، معنويات الشعب؛ بدرجة أساسية، لأن أهم ما في الحروب يتصل بالمعنويات، إذ إن المدافع والأسلحة لا تغير فكر الناس وسلوكهم ولا تؤثر فيهم، وإنما الذي يفعل هذا هو الكلمات والأفكار والفن التي تجسم الشعارات، وترفع المعنويات وتحقق الانتصار الأكيد، وبالطبع هذا يتطلب اختيار كلمات لها وقع مثل وقع المعارك؛ تشمّ رائحة بارودها من خلف شاشة الهاتف، أو خلف مانشيت لصحيفة لفرط قوتها وشدة بأسها.