أراء وكتاب وتغريدات
المخدّرات .. الطّوفان الذي يبتلعنا
الوسطى اونلاين _ كتابات
كتب/ علي ثابت القضيبي
- وكأنه لم تكفنا غائلة الجوع والتنكيل البشع في الخدمات ، وهي نوائب أحالت حياتنا جحيماً ، والرجل فينا يصبح كئيباً مثقلاً بأعباء الفاقة والعوز ، وأطفاله حوله يرنون نحوه بنظراتٍ كسيرة ويرومون الى كسرة خبز يسدون بها رمقهم ، وهذا يحدث في بيوت عدة اليوم ، ويُجسّد ذلك مرأى جموع من النسوة أُضطررن للتسول هنّ وأطفالهن اللاتي يذبح منظرهن في القلوب .
- وفي أماكن أخرى يبدو المشهد أكثر إيلاماً وإثارة للحزن ، فثمّة رجل ( كان ) مديرا أو ضابطا تتربّع على كتفيه رتبة رفيعة ، واليوم يقف وأمامه صحناً كبيراً يبيع عليه ماتيسّر من المعجّنات أو ماشابه ، والأكثر قهرا عندما يقف الى جانبه أحد أطفاله يساعده بنظراتٍ كسيرة حزينة تستعيد ذكرى أباه الذي كان في يوم ما هامة سامقة ويُشار له بالبنان !
- كل مايجري في جنوبنا مخطط له بخبثٍ ، وهو سيناريو حيكت فصوله بلؤمٍ ، وغايته تمريغ جغرافيتنا في أوحال العبث والإنهاك والتّفكك ، وكما يجري في عديدٍ من بلداننا العربية الملتهبة ، وهذا هو المخطط لشرقنا الأوسط الذي رسموا له في دهاليز المكر والخُبث ، والمؤلم أنّ من بني جلدتنا مَن هم أدوات لهذا المخطط الجهنّمي ، وهم يتمرّغون في رغد العيش الحرام ويكدسون رُزم البنكنوت في خزائنهم من الإتجار في النفط وبعض محلات الصرافة المخالفة وحتى بيع المخدرات .. إلخ .
- والمخدرات من بين أدواتهم الإجرامية التي يشيعونها بين شبابنا ، وإستهدافهم للشباب من الوسائل الخبيثة لخلخلة مجتمعنا وإهترائه ، ولذلك تتدفّق المخدرات الى جغرافيتنا كسيلٍ جارف ، ومروجيها بين أوساطنا ومن أبناء حاراتنا ، وهم شباب وفتيات أغراهم سهولة الإثراء السريع والسهل ، ومصيبتنا كمجتمع مستهدف أننا نعرف غالباً هؤلاء المروجين أو نسمع عنهم ، ونعرف ايضا الكثير من المتعاطيين المُغيّبين ، ولكننا لانحرك ساكنا إزائهم ، وهنا أصل كارثتنا .
- أُغرقت شعوب عدة بالمخدرات ، وأصبحت الجريمة البشعة من سماتها ، والسّبب لأنهم صمتوا وتخاذلوا وتعاملوا مع الأمر بإستسهالٍ أو بمنطق ( وأنا مالي ) ، ولكن السّيل جرفهم ، وعادت تبعاته عليهم بالويل والثبور ، فلماذا نصمت نحن اليوم ؟ ولماذا تصمت النخب في أحيائنا السكنية عن المتعاطيين المعروفين ؟ وكان من الأولى بهم نصحهم أو إبلاغ أهاليهم بأنّ أبنائهم يتعاطون المخدرات ، وسيكون لصوت هذه النخبة أثرهُ وصداه لدى أسرهم ولاشك .
- من المهم لدرءِ كارثة المخدرات أن يتعاضد المجتمع مع بعضه ضدها ، وأن يشعر المتعاطي والمروج بأنه شخص مُقيت ومنبوذ مجتمعيا ، ومن المهم في البداية نصحهم أو إبلاغ أسرهم ، وإذا لم يردعوهم يُبلّغ عنهم الأمن ، فهم الحلقة الأولى في السلسلة الجهنمية ، واليوم متعاطيي المخدرات يتعاطونها في تجمعات معروفة للكل في حواشي مناطقهم ، وعلى مرٱى ومسمع من الجميع بكل أسف ، وهنا الكارثة ، وهي الصّمت عليهم ، وكذلك الصمت على الصيدليات التي تروج الحبوب المخدرة ! وتصدّي المجتمع ككل لها هو واجب وطني ولاشك ، وعلينا أن لا نتعامل مع الأمر بإستسهال أو بمنطق ( وأنا مالي ) ، فهذا المنطق الأعرج بداية الكارثة علينا جميعا ، لأن المخدرات ستصل الى بيتك وأولادك وبيوت أقربائك أو من تحبهم ، أليس كذلك ؟!